صفوة التفاسير
الناشر
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
إِخوة في الإِنسانية والنسب، ولو أدرك الناس هذا لعاشوا في سعادة وأمان، ولما كانت هناك حروب طاحنة مدمرة تلتهب الأخضر واليابس، وتقضي على الكهل والوليد، ثم ذكر تعالى اليتامى فأوصى بهم خيرًا وأمر بالمحافظة على أموالهم فقال ﴿وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ﴾ أي أعطوا اليتامى الذين مات آباؤهم وهم صغار أموالهم إِذا بلغوا ﴿وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الخبيث بالطيب﴾ أي لا تستبدلوا الحرام وهو مال اليتامى بالحلال وهو مالكم ﴿وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ إِ﴾ أي لا تخلطوا أموال اليتامى بأموالكم فتأكلوها جميعًا ﴿نَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ أي ذنبًا عظيمًا، فإِن اليتيم بحاجة إِلى رعاية وحماية لأنه ضعيف، وظلم الضعيف ذنب عظيم عند الله، ثم أرشد تعالى إِلى ترك التزوج من اليتيمة إِذا لم يعطها مهر المثل فقال ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى﴾ أي إِذا كانت تحت حَجْر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهثر مثلها فليتركها إِلى ما سواها فإِن النساء كثير ولم يضيّق الله عليه ﴿فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء مثنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾ أي انكحوا ما شئتم من النساء سواهنَّ إِن شاء أحدكم اثنتين وإِن شاء ثلاثًا وإِن شاء أربعًا ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾ أي إِن خفتم من عدم العدول بين الزوجات فالزموا الاقتصار على واحدة ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي اقتصروا على نكاح الإِماء لملك اليمين إِذ ليس لهن من الحقوق كما للزوجات ﴿ذلك أدنى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾ أي ذلك الاقتصار على الواحدة أو على ملك اليمين أقرب ألا تميلوا وتجوروا ﴿وَآتُواْ النسآء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ أي أعطوا النساء مهورهنّ عطيةً عن طيب نفسٍ ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا﴾ أي فإِن طابت نفوسهن بهبة شيءٍ من الصَّداق ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾ أي فخذوا ذلك الشيء الموهوب حلالًا طيبًا ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ التي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَامًا﴾ أي لا تعطوا المبذرين من اليتامى أموالهم التي جعلها الله قيامًا للأبدان ولمعايشكم فيضيعوها قال ابن عباس: السفهاء هم الصبيان والنساء قال الطبري: لا تؤتِ سفيهًا ماله وهو الذي يفسده بسوء تدبيره، صبيًا كان أو رجلًا، ذكرًا كان أو أنثى ﴿وارزقوهم فِيهَا واكسوهم﴾ أي أطعموهم منها واكسوهم ﴿وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾ أي قولًا لينًا كقولكم إِذا رَشَدْتم سلمنا إِليكم أموالكم ﴿وابتلوا اليتامى حتى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ﴾ أي اختبروا اليتامى حتى إِذا بلغوا سنَّ النكاح وهو بلوغ الحلم الذي يصلحون عنده للنكاح ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْدًا فادفعوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ أي إِن أبصرتم منهم صلاحًا في دينهم ومالهم فادفعوا إِليهم أموالهم بدون تأخير ﴿وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ﴾ أي لا تسرعوا في إِنفاقها وتبذّروها قائلين ننفق كما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا ﴿وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ أي من كان منكم غنيًا أيها الأولياء فليعف عن مال اليتيم ولا يأخذ أجرًا على وصايته ﴿وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف﴾ أي ومن كان فقيرًا فليأخذ بقدر حاجته الضرورية وبقدر أجرة عمله ﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ﴾ أي فإِذا سلمتم إِلى اليتامى أموالهم بعد بلوغهم الرشد فأشهدوا على ذلك لئلا يجحدوا تسلمها ﴿وكفى بالله حَسِيبًا﴾ أي كفى بالله محاسبًا ورقيبًا، ثم بيّن الله تعالى أن للرجال والنساء نصيبًا من تركة الأقرباء فقال ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ
1 / 237