صفوة التفاسير
الناشر
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
المنَاسَبَة: لا تزال الآيات تتحدث عن قصة المسيح عيسى بن مريم ﵇، وقد ذكر تعالى في الآيات السابقة بشارة مريم بالسيد المسيح، ثم أعقبها بذكر معجزاته وكلها براهين ساطعة تدل على نبوته ﵇، ومع كل البراهين والمعجزات التي أيده الله بها فإِنَّ الكثيرين من بني إِسرائيل لم يؤمنوا به وقد عزم أعداء الله «اليهود» على قتله فنجّاه الله من شرهم ورفعه إِلى السماء.
اللغَة: ﴿أَحَسَّ﴾ عرف وتحقق وأصله من الإِحساس وهو الإِدراك ببعض الحواس الخمس ﴿الحواريون﴾ جمع حواري وهو صفوة الرجل وخاصته ومنه قيل للحضريات حواريات لخلوص ألوانهن وبياضهن قال الشاعر:
فقل للحورايات يَبْكينَ غيرنا ... ولا تَبْكنا إِلا الكلابُ النوابحُ
والحواريون أتباع عيسى كالصحابة لرسول الله ﷺ َ سمّوا حواريين لصفاء قلوبهم ونقاء سرائرهم ﴿مَكَرُواْ﴾ المكر: الخداع وأصله السعي بالفساد في خفية قال الزجاج: يقال مكر الليل وأمكر إِذا أظلم، ومكرُ الله استدراجه لعباده من حيث لا يعلمون حكي عن الفراء وغيره ﴿نَبْتَهِلْ﴾ نتضرع في الدعاء، وأصل الابتهال: الاجتهاد في الدعاء باللعن، والبهلةُ اللعنة.
سَبَبُ النّزول: لما قدم وقد نصارى نجران، وجادلوا رسول الله ﷺ َ في أمر عيسى، قالوا للرسول ﷺ َ: مالك تشتِم صاحبنا؟ قال: وما أقول؟ قالوا: تقول إِنه عبد قال: أجل إِنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إِلى العذراء البتول، فغضبوا وقالوا: هل رأيت إِنسانًا قط من غير أب؟ فإِن كنت صادقًا فأرنا مثله فأنزل الله ﴿إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِءَادَمَ﴾ الآية وروي أنه ﵇ لما دعاهم إِلى الإِسلام قالوا: قد كنا مسلمين قبلك، فقال: كذبتم يمنعكم من الإِسلام ثلاث: قولكم اتخذ الله ولدًا، وأكلكم الخنزير، وسجودكم للصليب فقالوا: فمن أبوه فأنزل الله ﴿إِنَّ مَثَلَ عيسى. . إلى قوله ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ الله عَلَى الكاذبين﴾ فدعاهم النبي ﷺ َ إِلى المباهلة، فقال بعضهم لبعض: إِن فعلتم اضطرم الوادي عليكم نارًا فقالوا أما تعر علينا سوى هذا؟ فقال: الإِسلام أو
1 / 186