والذي يدل على صحة ما قلناه: أن الرأس اسم للعضو المخصوص، وأن الباء وضعت في اللغة للإلصاق، فإذا قال سبحانه: {امسحوا برءوسكم} [المائدة:6]، أفاد ظاهره إلصاق اليد بجميع ما سمي رأسا، وخرج بذلك المأمور عن عهدة الأمر لغة وشرعا.
وأما خلاف من خالف من أهل العلم في مسح البعض(1) فليس لأن الآية لا ظاهر لها، بل لأدلة نصبوها من الآثار المتبعة عظم الله قدرها، وإلا فالباء عند الجميع تقتضي الإلصاق.
وإن قالوا: إن الباء تفيد التبعيض فلذلك لحقت هذه الآية بالمجمل لم يصح ذلك أيضا؛ لأنها لو كانت للتبعيض كما قالوا وسلمنا ذلك تسليم جدل لكان إذا مسح البعض خرج عن عهدة الأمر؛ لأنه إذا أمر بمسح البعض أفاد أن الكل مراد على التخيير، فكانت هذه تخرج عن باب المجمل على مجموع القولين فبطل ما قالوه.
صفحة ١١٤