213

مسألة:[الكلام في النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بعد البعثة

هل تعبد بشيء من شرائع من تقدم أم لا؟]

فأما بعد البعثة فقد اختلف الناس في أمره صلوات الله عليه وآله هل تعبد بشيء من شرائع من تقدمه أم لا؟

فكان شيخنا رحمه الله تعالى يذهب إلى أنه لم يتعبد بشيء من شرائع من تقدمه، وإنما تعبد بشريعته وحكى عن أبي الحسن أنه كان ربما نصر هذا القول وربما نصر خلافه.

ومنهم من قال: إنه تعبد بشريعة منها، ثم اختلفوا؛

فمنهم من قال: إنه بجميع شرائع من تقدمه إلا ما عرض فيه نسخ أو منع، وإليه ذهب بعض الحنفية والشافعية، وهو الذي نختاره.

ومنهم من قال: تعبد بشريعة إبراهيم عليه السلام وهو مذهب أكثر الشافعية.

ومنهم من قال: تعبد بشريعة موسى عليه السلام.

وكان شيخنا رحمه الله تعالى يحتج لمذهبه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو تعبد بشيء من شرائع من قبله لما أضيفت إليه هذه الشريعة المكرمة، ومعلوم أنها مضافة إليه فثبت أنه لم يتعبد بشيء من شرائع من قبله.

قال: وإنما قلنا ذلك لأنه يكون مؤديا عمن قبله فلا تضاف إليه الشريعة كما لم تضف شريعة موسى عليه السلام إلى يوشع بن نون لما كان نائبا ومؤديا، واستدل على ذلك أيضا بدليل ثان وهو أنه لو تعبد بشريعة من قبله لكان يجب على أتباعه الفزع إلى الكتب التي قبله من التوراة والإنجيل وأهلهما ومعلوم أنهم لم يفزعوا، فثبت أنه لم يتعبد بشيء من ذلك.

صفحة ٢٣٨