أما أنهم أجمعوا؛ فذلك معلوم من ظاهر حالهم لمن تصفح أخبارهم، واقتص آثارهم، وذلك أن الفتنة لما وقعت بينهم وتفرقوا وصاروا أحزابا، وانتهى الأمر بينهم إلى القتل والقتال، كان بعضهم يروي عن بعض بغير مناكرة بينهم في ذلك، بل اعتماد أحدهم على ما يرويه عمن يوافقه، كاعتماده على روايته عمن يخالفه، وذلك ظاهر فيهم كروايتهم عن أبي هريرة(1)، وعن النعمان بن بشير(2)، وغيرهما، وكروايتهم عن أصحاب الجمل وأشدهم عندنا جرما عائشة، وعن نقلة أصحاب النهروان وغيرهم، وعامل على مقتضى الرواية وساكت عن الإنكار وذلك يفيد معنى الإجماع.
وأما أن إجماعهم حجة، فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
صفحة ١٨٤