أيها الشيوخ والنواب
إن مهمة الحكومة والبرلمان كبيرة خطيرة شاقة، منها ما أشرت إليه ومنها ما هو معروف لكم من كل ما فيه خير البلاد وتقدمها، ولكني عظيم الثقة في أن هذه المهمة تتم تدريجيا بفضل الروح القومية التي بعثت في شعبي الكريم قوة جديدة، وملأته حمية للعمل وغيرة على خير الوطن.
ويملأ قلبي سرورا أن أفتتح الدور الأول للبرلمان، وأدعوكم للبدء في أعمالكم داعيا الله تعالى أن يسدد خطواتكم، وأن يوفقني وإياكم لما فيه خير البلاد.
ولما فرغ دولة الرئيس من إلقاء الخطبة أعادها إلى جلالة الملك، فتناولها جلالته وأعطاها إلى كبير الأمناء الذي سلمها إلى رئيس المؤتمر الوقتي، وهنا هتف رئيس المؤتمر «يعيش الملك» ثلاث مرات فردد الأعضاء هتافه، وعقب الهتاف وقف جلالة الملك وسار إلى المركبة الملكية، فأقلته إلى قصر عابدين وكانت الساعة حينئذ العاشرة والدقيقة 25 وأطلقت في أثناء حفلة الافتتاح مائة مدفع ومدفع.
هذا وقد وردت التهاني على حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول، وعلى حكومته من ملك إنكلترا وملك إيطاليا، ورئيس جمهورية فرنسا، ورئيس وزراء بريطانيا، ورئيس وزارة إيطاليا وبرلمان نروج.
جلالة الملك في عربته عند مغادرته دار البرلمان المصري عقب افتتاحه.
خطبة العرش لافتتاح الدور الثاني للبرلمان المصري
ونثبت هنا خطبة العرش التي ألقيت في الدور الثاني من انعقاد البرلمان المصري في يوم الأربعاء 12 نوفمبر سنة 1924، بعد ثمانية شهور من افتتاحه الأول أقفلت فيها أبوابه نظرا للعطلة الرسمية، فلم يكد يتنفس صباح ذاك اليوم حتى ازدحم الطريق الممتد من ميدان عابدين إلى شارع دار النيابة بجماهير متلاصقة الأجساد صفت على جانبي الطريق على امتداده، ولم تكن شرفات الدور وسطوحها بأقل منه ازدحاما، فقد احتشدت في هذا وفي تلك عشرات الألوف من النظارة.
وقد اصطفت الحامية المصرية على الجانبين تحمل كل أورطة علمها، ومع كل منها ضباطها بملابس التشريفة، وبين كل جندي وجندي منها نحو متر واحد ومن ورائهم جنود البوليس المصري تحت إمرة ضباطهم، وقد قامت خلف هذين الصفين ربا من الخلق، كان بعضهم جالسين على مقاعد أعدت لمثل هذا اليوم بأجر مرتفع.
ووقف فرسان الجيش في ميدان الإسماعيلية بقيادة قائدهم، واصطف وراء أبواب دار النيابة قره قول شرف من الجنود المصرية لتأدية التحية العسكرية أثناء تشريف حضرة صاحب الجلالة الملك، وكان قد توافد إلى هذه الدار في الموعد المحدد؛ لتشريف جلالته المدعوون من حضرات أصحاب السمو الأمراء والنبلاء، وأصحاب الدولة والمعالي الوزراء، وحضرات أصحاب الفضيلة العلماء ورجال الدين، وحضرات سفراء الدول ووكلاء وكبار موظفي الحكومة من المحافظين والمديرين وغيرهم.
صفحة غير معروفة