قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة " (1)؟
أليس هو العالم بأسرار القرآن وما تضمن من أحكام؟ وقد قال (عليه السلام) يخاطب المسلمين أيضا: " سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم " (2).
ونقل ابن أبي الحديد ما يقرب من ذلك، حيث قال: وروى المدائني أيضا قال:
خطب علي (عليه السلام) فقال: لو كسرت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، وما من آية في كتاب الله أنزلت في سهل أو جبل، إلا وأنا عالم متى أنزلت وفي من أنزلت (3).
أليس هو الدرع الواقي للإسلام في أيامه الأولى وإلى آخر يوم من حياة النبي (صلى الله عليه وآله)؟ حيث وقف يدافع عن الإسلام ورسوله في جميع المشاهد، فبات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة تربص به المشركون يريدون قتله، وفي يوم بدر كان فارس الميدان، ويوم أحد حيث فر الأصحاب عن النبي (صلى الله عليه وآله) وتركوه وحيدا،
صفحة ١١