سفر نامه
محقق
د. يحيى الخشاب
الناشر
دار الكتاب الجديد - بيروت
رقم الإصدار
الثالثة، 1983
والمسافة من مصر اليها ثلثمائة فرسخ وتقع المدن والولايات كلها على شاطئ النيل وتسمى هذه الولاية أسوان بالصعيد الأعلى ولا تستطيع السفن عبور النيل حين تصل لأسوان لأن الماء يخرج هناك من شلالات فيندفع سريعا
وولاية النوبة جنوبي أسوان ولها ملك خاص وسكانها سود البشرة ودينهم النصرانية ويذهب اليه التجار ويبيعون الخرز والأمشاط والمرجان ويجلبون منها الرقيق والرقيق في مصر إما نوبيون وإما روم وقد رأيت قمحا وذرة من النوبة كلاهما أسود
ويقال ان حقيقة منابع النيل لم تعرف وسمعت ان سلطان مصر ارسل بعثة لتتبع شاطئ النيل سنة كاملة ودرسه ولكن أحدا لم يعرف حقيقة منبعه ويقال انه يأتي من جبل في الجنوب يسمى جبل القمر
حين تبلغ الشمس مدار السرطان يزداد النيل فيرتفع عشرين ذراعا عما كان مستقرا عليه في الشتاء وهكذا يتزايد يوما بعد يوم وقد أعدوا له في مصر مقاييس وعلامات ورتبوا عاملا وظيفته ألف دينار للمحافظة عليها ولتسجيل الزيادة ومنذ أول يوم للفيضان يطوف منادون في المدينة منادين بأن الله تعالى قد زاد النيل كذا أصبعا ويذكرون مقدار زيادته كل يوم
وحين تبلغ الزيادة ذراعا كاملا تضرب البشائر ويفرح الناس حتى تبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وهي الزيادة المعهودة يعني أنه كلما قلت الزيادة عن ذلك قيل ان النيل ناقص فتصدقوا ونذروا النذور وعلاهم الغم فاذا زاد عن هذا القدر فرحوا وأظهروا الغبطة وما لم يصل الارتفاع الى ثمانية
صفحة ٨١