(1) العيارون جمع عيار، وهو النشيط فى المعاصى. @ وكانت كتبه قد تخلفت ببغداد، فاستولى الغرق تلك السنة على البلد، فسير من يحضرها اليه ان كانت سالمة، فوجدها قد غرقت! وكانت خلف داره مدبغة فغرقت ايضا، وفاض الماء منها الى داره، فتلفت الكتب بهذا السبب زيادة على اتلاف الغرق، وكان قد افنى فى تحصيلها عمره، فلما حملت اليه على تلك الصورة! اشاروا عليه ان يطيبها بالبخور ويصلح منها ما يمكن. فبخرها باللاذن (1) .
ولازم ذلك الى ان بخرها باكثر من ثلاثين رطلا لاذكا، فطلع ذلك الى رأسه وعينيه، فاحدث له العمى وكف بصره! ".
126 - وهذه فاجعة كبرى من فواجع العلماء بفقد الكتب، تنزل باسامة بن منقذ امير بلدة شيزر وقلعتها، واحد الشجعان والعلماء الادباء فى عصره، ولد سنة 488 وتوفى سنة 584، وقد حلت به هذه الداهية الدهياء قبل سنة 569 فى حياة الملك العادل نور الدين الشهيد رحمهما الله تعالى.
قال اسامة فى كتابه " الاعتبار " ص 34، الذى دةن فيه مجمل سيرته - وهو يتحدث عن هذه الفاجعة المؤلمة على مدى العمر -: " ثم اتصلت بخدمة الملك العادل نور الدين رحمه الله، وكاتب الملك الصالح - بن رزيك فى مصر - فى تسيير اهلى واولادى الذين تخلفوا بمصر، وكان محسنا اليهم.
فرد الرسول واعتذر بانه يخاف عليهم من الافرنج، وكتب الى يقول: ترجع الى مصر وانت تعرف ما بينى وبينك، وان كنت مستوحشا من اهل القصر، فتصل الى مكة، وانفذ لك كتابا بتسليم مدينة اسوان اليك، وامدك بما تتقوى به على محاربة الحبشة، فاسوان ثغر من ثغور المسلمين، واسير اليك اهلك واولادك.
ففاوضت الملك العادل واستطلعت امره، فقال: يا فلان ما صدقت متى
صفحة ١٠٠