205

الصفدية

محقق

محمد رشاد سالم

الناشر

مكتية ابن تيمية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٦هـ

مكان النشر

مصر

أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ يشاء﴾ ففرق سبحانه بين الوحي وبين إرسال الرسول الذي يوحي بإذنه ما يشاء كما فرق بين ذلك وبين التكلم في قوله تعالى ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ إلى قوله تعالى ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ ففرق بين الإيحاء العام المشترك بين الأنبياء وبين تكليمه لموسى ﵇ كما فرق بين الإيحاء وبين إرسال رسول يوحي بإذنه ما يشاء وهذا يناقض مذهبهم في الأصلين فإنهم لا يثبتون إلا ما هو من جنس الوحي والإلهام كالذي يسمونها القوة القدسية بل الوحي والإلهام الذي أثبته الله فوق ما يثبتونه من القوة القدسية فدل على أن أحوال الرسل الذين يرسلهم الله إلى الأنبياء خارجة عن قوى النفس وعن جنس الإيحاء العام والإلهام المشترك كما قال الله تعالى ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ (سورة الحج ٧٥) فتبين أنه يصطفي رسلا من الناس ورسلا من الملائكة وكذلك أخبر أنه يكلم البشر من وراء حجاب كما أخبر أنه كلم موسى تكليما وكما قال تعالى ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ﴾ وقال ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي﴾ وهذا يقتضي انه يكلم بعض عباده تكليما خارجا عن جنس

1 / 204