171

الصفدية

محقق

محمد رشاد سالم

الناشر

مكتية ابن تيمية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٦هـ

مكان النشر

مصر

وقد أخبر الله في كتابه عن خطابه للجن وأمره لهم ونهيه لهم كقوله ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ وقوله تعالى ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ وقوله ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾ إلى آخر السورة إلى قوله ﴿وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ وقوله ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ﴾ إلى آخر السورة ونحن لو ذكرنا ما رأينا وسمعناه من أحوال الجن لطال الخطاب من أحوالهم مع المؤمنين الصالحين ومن أحوالهم مع أهل الكذب والفجور كما قال الله تعالى ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُون﴾ فهؤلاء قوم حصروا الوجود وأسبابه فيما علموه ولا علم عندهم بانتفاء ما لم يعلموه وغاية أحدهم أن ينفي الشيء لانتفاء دليل معين وهذا غاية الجهل وهم جهال من وجهين أحدهما عدم العلم بكثير من أنواع الموجودات وأحوالها والثاني عدم العلم بأسباب الحوادث فإنهم لما يثبتوا قدرة الرب على تغيير العالم ونفوا مشيئته التي بها تحدث الحوادث صاروا منكرين لخرق العادات فاحتاجوا في

1 / 170