كان اسم باجز الحقيقي - بالطبع - هو جون. كان اسمها الحقيقي - في عالم الغناء - جون رودجرز. خلال العام والثلاثة أشهر الأخيرة لم تقم أي حفلات غناء عامة. لم تكن قد ذهبت إلى معهد الموسيقى لإلقاء المحاضرات في الشهور الثمانية الأخيرة. كان هناك عدد قليل من الطلاب يأتون إلى الشقة في شارع هورون، في الأمسيات وأيام السبت؛ حتى تمرنهم آفريل على البيانو. كانت آفريل تعمل في معهد الموسيقى، في وظيفة إدارية. كانت تذهب إلى المنزل راكبة دراجة لتناول الغداء يوميا، لترى إذا كانت باجز على ما يرام. لم تكن تقول إنها تذهب إلى المنزل لهذا السبب. كان لديها سبب الاستئذان لتناول غدائها الخاص: لبن منزوع الدسم، حبوب قمح، وموزة، جميعها مضروبة في الخلاط. كانت آفريل تحاول أغلب الوقت أن تنقص من وزنها.
كانت باجز تغني في حفلات الزفاف، كانت تغني غناء منفردا تتلقى فيه أجرا مع الجوقات الكنسية، غنت الأنشودتين الدينيتين «المسيح» و«آلام المسيح بحسب القديس متى» وأيضا في أوبرات جلبرت وسوليفان. كانت تغني في أدوار ثانوية في أوبرات تورونتو مع نجوم مشهورين من الخارج. لفترة - في الخمسينيات - كانت قد شاركت في تقديم برنامج في الراديو مع مغني أوبرا مشهور سكير، الأمر الذي جعل المحطة تستغني في نهاية المطاف عن كليهما. كان اسم جون رودجرز معروفا جدا خلال الوقت الذي كانت آفريل تكبر فيه. كان معروفا بما يكفي ، على الأقل، بين الأشخاص الذين عادة ما كانت آفريل تلتقيهم. كان الأمر بمثابة مفاجأة بالنسبة إلى آفريل، أكثر مما هو لباجز، أن تلتقي أناسا مصادفة الآن لا يعرفونها.
لم يتعرف الأشخاص على السفينة على باجز. كان نصف الثلاثين شخصا أو ما يقارب ذلك من الركاب من الكنديين، معظمهم من تورونتو وما حولها، لكنهم لم يتعرفوا عليها. قالت آفريل خلال أول محادثة لها مع الأستاذ الجامعي: «كانت أمي تلعب دور زرلينا ... في «دون جيوفاني»، في عام 1964.» كان عمرها عشرة أعوام آنذاك، وتذكرت المناسبة باعتبارها مناسبة مجيدة. قلق شديد، اضطراب عصبي، أزمة، حلق ملتهب يعالج عن طريق اليوجا. حلة فلاحة بتنورة ذات نقوش وردية وذهبية فوق مجموعة كبيرة من التنورات التحتية. مناسبة مجيدة.
قالت باجز لها لاحقا: «حبيبتي، زرلينا ليست مألوفة لدى كثير من الناس ... أيضا، أساتذة الجامعات أغبياء. أغبى من الأشخاص العاديين. أستطيع أن أكون لطيفة وأن أقول إنهم يعرفون أشياء لا نعرفها، لكن كما أعرف، أستطيع أن أؤكد لك أنهم لا يعرفون إلا قشورا.»
لكنها كانت تدع الأستاذ الجامعي يجلس إلى جانبها وتدعه يخبرها أشياء عن نفسه في كل صباح. أخبرت آفريل عما عرفته عنه. كان يسير على سطح السفينة لمدة ساعة قبل الإفطار. في دياره، كان يسير ستة أميال يوميا. كان قد تسبب في فضيحة في الجامعة قبل سنوات قليلة عندما تزوج زوجته الشابة (قالت باجز: زوجته الغبية)، التي كان اسمها ليزلي. بسبب ذلك، كون عداءات، وأثار الغيرة والاستياء بين زملائه بسبب تحرره، ثم بسبب تطليق زوجته وتزوج هذه الفتاة التي كانت أصغر بعام واحد من أكبر أبنائه. من ذلك الحين فصاعدا، عزم بعض الأشخاص على النيل منه، وهكذا فعلوا. كان عالم أحياء، لكنه كان قد صمم منهجا علميا شاملا - كان يطلق عليه منهج أمية علمية - للطلاب في أقسام العلوم الإنسانية، منهجا يتسم بالحيوية، والبساطة والذي أمل في أن يمثل فتحا متواضعا في مجال تعليم العلوم. حصل على موافقة رؤسائه على المنهج، لكن تم استبعاده من قبل زملاء له في القسم الذي ينتمي إليه، الذين وضعوا متطلبات وشروط سخيفة ومعقدة للمنهج. كانت النتيجة أنه تقاعد مبكرا.
قالت باجز: «أظن أن الأمر كان كذلك ... لا أستطيع تركيز ذهني على الأمر. أيضا، يمكن أن تدمر النساء الشابات حياة أزواجهن كبار السن. قد يكون الشباب مملا. نعم، بالتأكيد. يستطيع الرجل أن يشعر بالراحة مع امرأة أكبر سنا. إيقاعات أفكارها وذكرياتها ... نعم، إيقاعات أفكارها وذكرياتها ستتوافق بشكل أكبر مع أفكاره وذكرياته. يا للقرف!»
في ركن بسطح السفينة، كانت الزوجة الشابة، ليزلي، تجلس منهمكة في غزل مفرش لمقعد غرفة الطعام. كان هذا هو المفرش الثالث الذي تصنعه. كانت في حاجة إلى ستة مفارش. كانت المرأتان الجالستان إلى جانبها تعبران عن إعجابهما بجمال نمط تطريزها - كان يسمى وردة تيودور - وكانتا تتحدثان عن المفارش المطرزة بالإبرة التي كانتا قد صنعتاها. كانتا تشيران إلى كيف كانت تلك المفارش تتماشى مع أثاث منزليهما. كانت ليزلي تجلس بينهما، تتمتع بالحماية إلى حد ما. كانت فتاة ذات بشرة ناعمة، وردية، وشعر بني، كان شبابها يذوي. كان مظهرها يستدر التعاطف، لكن باجز لم تظهر أي تعاطف تجاهها عندما أخرجت أدوات التطريز من حقيبتها.
قالت باجز: «يا إلهي!» ثم فردت يديها وهزت أصابعها النحيفة وقالت: «هاتان اليدان»، ثم انتابتها نوبة من السعال: «هاتان اليدان فعلتا أشياء كثيرة لست فخورة بها، لكنني يجب أن أقول إنهما لم تمسكا بإبرة خياطة أو إبرة تطريز أو إبرة كروشيه أو حتى خاطت زرا إذا كان ثمة دبوس مشبك في متناول اليد. لذا لست الشخص الذي يمكن أن يقدر ما تفعلينه يا عزيزتي.»
ضحك زوج ليزلي.
كانت آفريل تدرك أن ما قالته باجز لم يكن صحيحا تماما. كانت باجز هي من علمتها كيف تخيط. كانت باجز وآفريل مهتمتين بشدة بالملابس وكانتا تتابعان الموضة، على نحو مرح وجرئ. كانت بعض أفضل الأوقات التي قضياها معا هي الأوقات التي كانتا تقصان القماش فيها، وتحيكان الأجزاء معا؛ مما كان يؤدي لإنتاج تصميمات ملهمة.
صفحة غير معروفة