قال أفلاطن غير ممكن أن يكون أحد غنيا وفاضلا وذلك إنه ليس يجوز أن يجتمع المال إلا بأخذ ما لا يجب وبمنع ما يجب قال وكيف يجوز أن يكون غنيا من لا يأخذ بغير الحق ولا يمنع من الحق وكيف يسنغني من لم يدخر ولم يستبق وقال أرسطوطيلس غير ممكن أن يكون الحر غنيا وكيف يمكن أن يكون ذا مال من لا يحرص على الأخذ ولا يشح في العطاء ولهذا كان أكثر من استحق الغنا غير غني
في أن الغني شرير وخسيس وشقي
قال أفلاطن ونقول الغني ليس بسعيد ولكنه شرير وخسيس وشقي أما شرير فلأنه ليس يجوز أن يجتمع لأحد خيرات البدن وخيرات النفس مع المال قال والعلة في ذلك أن يصرف عنايته عن صلاح بدنه ونفسه إلى جمع المال قال ومن استكد بدنه بسبب المال خسيس ومن أهمل صلاح بدنه ونفسه جاهل والجاهل شرير وقال ثنون محبة المال قيد الشرور ولأن الشرور كلها معلقة به
في ان الحريص ليس يغني وإن كثر ماله
قال أرسطوطيلس الغنا في القناعة والقناعة الكفوف ومن طلب ما جاوز الكفاف فقد طلب المحال لأنه يطلب ما لا غاية له وقال أفلاطن من كانت همته في الجمع فإنه فقير وإن كثر ماله لأن حاجته لا تعف لحرصه وحاجة الشره أكثر من حاجة الفقير قال أرسطوطيلس وقد ظن قوم بأنه لا نهاية للمال وغلطوا فإن الذي يحتاج إليه لصلاح الحال ذو نهاية وإنما يقال إنه لا نهاية له لما جاوز الكفاف وقال ذيوجانس أنا أغنى من ملك الفرس لأن لي قليل يكفيني وله كثير لا يكفيه
في صفة الغنى
قال أرسطوطيلس الغنى في القناعة والقناعة الكفاف وحسن استعمال القنية وقال سقراط الغنى تعب محبوب لأن المال مخدوم وأما الفقر فإنه راحة ممقوتة وقال أفلاطن الغنى في الإستمتاع بالمال لا في اقتناء المال قال ومن اقتصر على القناعة تعجل السرور بالراحة وقد يفجعه بالحادثة وقيل لأفلاطن قدركم ينبغي أن يكون للرجل المال فقال قدركم ما لا يحتاج معه إلى أن يعامل النفاق والملق بسبب ما لا بد منه وقال محمد بن زكريا الغنى في الصناعة قال وينبغي للصانع أن يكتسب بمقدار النفقة وزيادة يسيرة لتكون عدة له للنوائب وقال صاحب المنطق خير المال ما يسبح معك إذا غرقت سفينتك سأل الإسكندر بعض الحكماء أن كيف يصنع الرجل حتى لا يحتاج فقال الحكيم إن كان غنيا فليقصد وإن كان فقيرا فليدمن العمل وقال آخر اعمل مدجانا ولا تبطل مكرا وقال الحكيم إنه ليس ينبغي للعاقل أن يعرض عن المقبل ولا أن يشيع المدبر
ذكر ما جاء من كلام أهل الحكمة
قال إن الجد لم يهب الأموال للأغنياء ولكنه أقرضهم إياها افتخر رجل على رجل بماله فقال ما افتخارك بشيء يعطيه البخت ويحفظه اللؤم ويهلكه السخاء وقال آخر تخليف المال للعدو خير من الحاجة إلى الصديق وقال أفلاطن من شكر على غير معروف فعاجلوه بالعطية فقد استعد للذم إن كان السؤال صعب على الطالب فإن الإعطاء على المطلوب أشد قال وهذا من جهة الظاهر وإلا فإن الذي يبذل الطالب أكثر لأن الجاه أكثر من المال وقال ابن المقفع السخاء سخاءان سخاوة الرجل بما في يد غيره قال وسخاوة نفسه بما في يد غيره أكرم وأشرف الفقر مع الفضيلة خير من الغنا مع الرذيلة
في الرفيع الهمة
صفحة غير معروفة