في التعقل
قال التعقل إنما يكون للأشياء الجزءية التي إنما تصير معروفة بكثرة التجربة قال وإنما يصنع كثرة التجربة طول الزمان ونحتاج أن نعلم الجزءية مع الكلية ونقول قوى النفس ثلاثة نظرية وفكرية وحسية وأقول التعقل هيئة فكرية مميزة للخير من الشر والأفضل من الأرذل والضار من النافع والجيد من القبيح بقوة التجربة وأما العلم فإنه هيئة نظرية مميزة للحق من الباطل بالقوة البرهانية وأما الشهوة فقوة حسية مميزة للذة من الأذى قال والتعقل إنما هو جودة إجالة الرأي قال ونقول اللذيذ إنما يكون لذيذا عند شيء والخير يكون خير الشيء والحق حق على الإطلاق وكذلك الباطل فالنظري تسير المطلق والعملي الذي هو لشيء وعند شيء
في التصديق للمشير والتكذيب
قال العارف التصديق إنما يكون بالتثبيت وذلك أنا إنما نقر بالشيء إذا ظننا أنه قد ثبت عندنا قال وقد يصدق دون التثبيت لعلل ثلثة اللب الفضيلة الألفة قال وأما التكذيب فإنه يكون لعدم اللب لعدم الفضيلة لعدم الألفة قال وذلك أن اللبيب يصيب الرأي فيصدق بكا يقال له من غير أن يثبت عليه فأما الجاهل فإنه لا يصيب الرأي بجهله وكذب ولا يصدق من أجل ذلك قال وقد يصيب الواحد الرأي بلبه ولكنه لا يعرف بالصواب لخبثه وفساده فأما ذو الفضيلة فإنه يعترف به قال وذو الفضيلة أيضا ربما لم يعترف إذا لم يكن ذا إلف ومريدا لمن يستشيره الخير قال والرأي يتبعه لا محالة تصديق بالشيء الذي يجمع عليه
في الآفات التي تدخل الرأي من أين تدخل
قال أبو زيد البلخي الفساد يدخل الرأي من أربعة أوجه اثنان من قبل الزمان وهو أن يعجل بإمضائه من قبل أن يختمر أو يدافع به من بعد أن يختمر حتى يفوت واثنان من قبل الإنفراد والإشتراك وذلك أن يشتد به أو يدخل فيه من ليس من أهله فيفسده
في هيولى الرأي
قال أفلاطن هيولى الرأي إلى ماذا ينتهي وصورة الرأي الجواب كقولك إلى كذا وقال أفلاطن الظنون مفاتيح اليقين وتوهم الأمور مقدمات للإيضاح وقال أفلاطن ما يغلب من جهة المحسوس فطلبه إنما يكون بالفكرة وقال العارف الفكر قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم وقال ابن المقفع الخاطر إنما هو بمنزلة اللحظ واللمح والفكر بمنزلة التحدق وقال أفلاطن إذا شككت في أمر فدعه أو اعمل على ما لا تشك فيه فكفى بارتياب اليقين لك مخبرا وكفى بالظن لك مفضحا
في الحض على الإستشارة والتحذير من الإستبداد وفيه بيان الحاجة إلى الوزير
قال أرسطوطيلس يجب على الملك أن يستعين برأيه على الشورى وبالشورى على رأيه فإن الرأي الفذ بمنزلة الخيط الشجيل والرأيان كالخيطين المبرمين والآراء الثلاثة لا يكاد نتقص فإن قوة الآراء إذا اجتمعت كقوة الرجال إذا اجتمعوا وقال سابور بن أردشير لابنه هرمز العمل عملان الحزم في أحدهما مظاهرة الشركة فيه والحزم في الآخر الإفراد فما احتيج فيه إلى الرأي فالسبيل فيه الشركة وما احتيج فيه إلى الحفظ والأمانة فالسبيل فيه الإفراد قال أرسطوطيلس وإنه ليس يجوز للملك أن يشرع في حل ولا عقد إلا بعد فراغه من محل الرأي لأوله ولآخره ويجب أن يعلم أن صحة الرأي إنما تكون بصحة النظر وصحة النظر إنما تكون بالعقول المتأيدة بالتجارب المتبرئة من الأهواء السليمة من الآفات وصحة العمل إنما يكون بصحة الرأي وبصحة العمل يكون صحة أمر الملك وقوامه فلا بد للملك من الإستعانة بالآراء الصافية ولا ينبغي أن يخطر بباله أنه إذا استشار أزرى ذلك به فإنه لم تزيده الإستشارة عند ذوي المعرفة إلا رفعة وبعد فلو شانه كان الذي يفوز به من تبين الخطأ ويسعد به من درك الصواب أعظم من كل نقيصة لو لحقته قال وأحق الناس أن يتهم رأيه ولا يستبد الملك فإنه ينفذ له كل ما قال أو فعل لأنه ليس فوقه أحد يأخذ على يده قال والملك إن كان ذا رأي فإنه سيستزيد برأي أهل الرأي كما يزداد البحر بمواده من المياه وكما أن الملك لا يصلح بالشركة كذلك الرأي لا يصلح بالإنفراد وقال حكيم مجمع الحزم كله في أمرين أحدهما الإستشارة والآخر تحصين الأسرار وفي جاويذانخرذ وإذا استبد الملك برأيه عميت عليه المراشد وقال بزرجمهر حسب ذي الرأي ومن لا رأي له أن يشاور عاقلا ثم يطيعه وقيل لملك من بعد ما زال ملكه بم زال ملككم فقال إنما أدبرت دولتنا بالإستبداد وبالثقة بالدولة وبالإعتماد على الشدة وترك الحيلة وقال أرسطوطيلس للإسكندر إذا اجتمع الرأي والأنفة في الموضع الضيق فدع الأنفة للرأي
صفحة غير معروفة