ذكر شواهد بصحة ما قاله في أمر الحفظة
قال أفلاطن قال لي قائل إنك قد حرمت الحفظة أكثر اللذات والخيرات قلت صدقت وإنما فعلت ذلك لما اقتضاه حق السياسة في صلاح حالهم وحال أهل البلد قال وكيف فقلت أما صلاح حالهم فمن قبل أنهم إذا ألفوا الدلال والتنعم ثم اضطروا بورود العدو إلى الكد والتعب وإلى خشونة العيش والجدوبة لم يجدوا أنفسهم ولكنهم افتقدوها فركبهم الأعداء واستذلوهم ونالوا منهم مرادهم ضربا وقتلا وأسرا فأي الأمرين أولى بحسن النظر لهم أن يلزمهم من قبل الشدة ما يكون به صلاح أحوالهم في الشدة وسلامة أبدانهم عند النازلة أم أن تسوي لهم رغد العيش الذي يؤديهم إلى الهلاك قال وأما صلاح حال البلد فلأنهم إذا اعتقدوا العقد واقتنوا الأموال صاروا أربابا ولم يكونوا حراسا ولا أعوانا قال واخلق بهم إذا تمادى الزمان عليهم أن يحتاجوا إلى حفظة يحفظونهم
قانون كبير في السياسة أن كيف ينبغي أن توزع الخيرات على أهل المدينة
قال ونقول ليس سبيل السائس أن يجعل جميع الخيرات لكل واحد من أهل المدينة أو لكل صنف لأن هذا لا يمكن أن يكون قال ولكن الواجب أن يجعل جملة الخيرات لجملة أهل المدينة حتى لا يفتقد أهلها شيئا من الخيرات قال ثم إنه يجب أن يعطى كل واحد من أهل المدينة ما يستحق مثله أن يعطى فإنه ليس بحسن أن يلبس الحراث أو الفاخراني والطيان ثياب الزينة وأن يوضع على رأسه إكليل الكرامة ثم يستخدم في عمله وليس يجوز أيضا أن تعطيه شرف الرياسة ولا ترفع عنه التصرف في اكتساب المعيشة
بقية القول في القانون
قال فإن كان هذا لا يصلح بل لا يمكن فكذلك أمر الحفظة ليس يجوز أن تعطيهم الدلال والقنية والقدر ثم تأمرهم بأن يكونوا حراسا ومحاربين قال وسبيل النظام والصلاح أن يعطى كل صنف من أصناف أهل المدينة ما ينبغي أن يعطى مثله ثم لا يترك بأن يزول عن حالته فيطلب ما ليس له ولا يقنع بما هو له قال فإنه إن ترك وذاك زال النظام ووقع الإضطراب والإختلاف والتجاذب والتمانع وبوقوع هذه المعاني يزول الصلاح وحسن الحال ويقع الفساد وسوء الحال
سياسة في أولاد الحفظة
قال وينبغي أن يشهد أولاد الحفظة الحروب التي لا يكون فيها الخطر العظيم وينبغي أن يجعلوهم بمعزل مع قوم شجعان قد باشروا الحروب وعرفوا أحوالها بحيث يرون المحاربة ليتشجعوا برؤية ذلك ويمرنوا عليه ومتى أوجب الرأي الهرب بهم هرب بهم من يكون معهم
سياسة
قال ولا ينبغي أن يفادى من استأسر جزعا من الموت قال وينبغي أن يخرج من الحفظة من ألقى سلاحه أو ولى العدو ظهره وينبغي أن يلزم بعض الحرف الخسيسة عقوبة له وتحذيرا لغيره من أن يفعل مثل فعله وينبغي أن يتوج بتاج الكرامة من أبلي في الحرب وأن يشهر أمره في الكرامة
صفحة غير معروفة