الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق

إين براون ت. 1450 هجري
28

الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق

تصانيف

تحليت بصبر كبير كصبر علماء الجيولوجيا. كنت أعرف المستشفى جيدا، تماما كمعرفتي بقبو بيتي، كل خبايا المكان أعرفها؛ كأنسب مكان لوضع سيارتي في ساحة انتظار السيارات (الطابق الثاني، حتى قبل أن يكتمل الأول، بالقرب من المصعد الشمالي)، وأين يمكن ختم تذكرة موقف السيارات، وأفضل وقت تقف عنده في الصف للحصول على القهوة (قبل الساعة الثامنة إلا الربع في الصباح، أو بعد الساعة الحادية عشرة)، وكيف تتعامل مع طاولة صرف الأدوية في الصيدلية لتقليل وقت الانتظار للحد الأدنى. وحفظت كيف أصل إلى قسم العلاج الطبيعي وقسم أشعة الرنين المغناطيسي وقسم الأسنان، وعرفت ما يمكن أن أراه وأنا أتجول في أدوار المكان؛ الأطفال المرضى بحالاتهم الغريبة، برءوس بحجم البطيخ والتي عليها جروح جراحية عميقة وطويلة حديثة ذات لون أحمر فاقع تم تخييطها، والتي تمتد من الأذن إلى الأذن الأخرى، وأدوات لتقويم العظام وجبائر، وجلد أصفر مائل للرمادي وعيون واهنة خاضعة، ووهن أعمق وأكبر مما يمكن أن يصيب الكبار.

عرفت كيف أستجيب لتلك المواقف: أبتسم. ابتسامة لكل واحد منهم. لكن دون مبالغة، إذ كنت أعرف ماذا كان يعني أن يحاول أحد الأشخاص إرضاء ووكر، ولم أكن أريد هذه المعاملة الخاصة، ولكن مع ذلك فالأمر كان يتطلب الانفتاح والبعد عن العدوانية والخوف. كان الأمر أشبه بشكل من أشكال التأمل، ولكنني كنت دائما أنظر، وأسأل في صمت: ماذا حدث هناك؟

بطريقة أو بأخرى، ورغم كل التوتر، كان قسم الطوارئ بمنزلة مصدر للراحة والهدوء؛ لأن القسم نفسه كان يتسم بالهدوء؛ هدوء مباشر وقائم على الحقائق، وخال من مشاعر القلق. هنا في قسم الطوارئ القلق ممنوع: أنت الآن في وسطه، وقد وصل الأمر إلى أسوأ ما يمكن، وعليك أن تجتازه. تعرفت إلى أطباء اعترفوا لي بشكل شخصي بالجاذبية الخفية للأدوية في قسم الطوارئ؛ فهم مشغولون جدا لدرجة جعلتهم لا يفكرون في الحزن الذي يخيم على المكان كله، فعملهم لا يسمح بالاهتمام العميق بمشاعر الآخرين، وهم متحررون في غفلتهم.

يمكن أن تجلس وتنتظر في هذا الهدوء لوقت طويل كأب، دون أن تنزعج. ستنظر حولك، وستجد التكنولوجيا في كل مكان، في العربات، تقنيات متطورة تسير على عجلات، ويتكرر الأمر عند رأس السرير من حجرة لأخرى، ونفس الأنابيب والزجاجات والصمامات الجديدة والنظيفة موجودة مرارا وتكرارا، وذلك بالطبع بسبب أن ضعفنا نحن البشر لا يتغير. عدد لا حصر له من أكياس جمع المخلفات البلاستيكية الصفراء التي يمكنها حمل أشياء ثقيلة، المعدة كي تحمل أكياس الدم الفاسد وموزعات الأدوية البالية، هذه صناعة بأكملها (التخلص الآمن!)، وأموال يمكن تحقيقها من مخلفات أمراض الجسم. الروائح: مطهر وقهوة وقيء وحلوى المافن وبياضات جديدة وبراز وقلق وخوف وأسى. والأخير الأسوأ؛ رائحة جافة، مثل الأرض القديمة، والرصيف الساخن. وغسيل الأيدي، مرات ومرات، ورش مطهر اليد، وصوت القفازات البلاستيكية بينما تفرد عليها مادة التعقيم اللزجة، والطقس المقدس الخاص بالتعقيم، وجوقات من الصراخ، وصوت طقطقة النقالات، وأضواء سيارات الإسعاف التي تزعج الضحايا، والستائر التي تخفي يأسا مجهولا. والأسئلة المطروحة: هل يمكن الشفاء من هذا؟ هل يمكن أن يشعروا بمدى قلقي؟ والمقارنة الحتمية: هل طفلي أحسن حالا من هذا الطفل؟

عبر كل ما سبق، تحمل جسم طفلك، وتحمل لحمه وحرارته قريبا منك، مثل جلد من نار؛ لأن عليك أن تتعلق بحيث توجد الحياة. تدفعنا الحاجة إلى الطعام، وينزع الجنس عنا الحياء، ولكن الملامسة هي أصدق ما نحتاج إليه. ما عليك إلا أن تتعلق، ما عليك إلا أن تتعلق، ما عليك إلا أن تتعلق، ما عليك إلا أن تتعلق.

وبالتدريج، ودون أن تلحظ ذلك، يتغير شيء، ولا يكون عليك أن تتعلق بشدة بعد ذلك، وإلا فلن يعود هناك ما يمكن أن تتعلق به؛ فالأزمة تمر أو تحل. الأمر كله لا يمكن الحديث عنه، ومع ذلك، وبعد حين، فمن المستحيل ألا تتحدث عنه مرارا وتكرارا.

إذا حالفك الحظ فسيسمحون لك أنت وطفلك بالمغادرة. أكبر شعور بالراحة عندما تغادر المستشفى في النهاية مرة أخرى في الصباح الباكر، قبل طلوع الشمس، وما زال رصيف الشارع رطبا من الندى، وطفلك سليم مرة أخرى، حتى الآن. ويبدو أن العالم سيبدأ من جديد، وقبل أن تذهب لسيارتك - الطابق الثاني بالقرب من المصعد الشمالي - تضع خططا مرة أخرى. •••

طوال هذه السنوات، وفي ظل عدم استمتاعنا بنوم طبيعي، تشاجرنا أنا وزوجتي كثيرا. ومثل معظم آباء المصابين بمتلازمة القلب والوجه والجلد، تشاجرنا كثيرا بشأن النوم أكثر من أي موضوع آخر: من تمكن من النوم ومتى، ومن لم يتمكن، ومن استحق أن ينام أكثر ومن لم يستحق، وهي في الغالب نفس المناقشة. وهي تجري كالتالي: في منتصف الليل، بالرغم من أن الدور على جوانا لتنام مع ووكر - ويحدث الأمر عينه حين يكون الأمر معكوسا - لا أستطيع النوم وأتوجه إلى الطابق السفلي إلى حجرة المعيشة من أجل القراءة، وبعد خمس دقائق، أسمع جوانا: «لا، ووكر، لا!» وبعد دقيقة تظهر عند أسفل السلالم - عارية وما زال جلدها مسمرا خفيفا (حتى في شهر يناير) ومنهكة. ظل ووكر مستيقظا لمدة ثلاث ساعات وأخذ يلكمها في رأسها وينفجر في الضحك: «هل يمكن أن تأخذه؟»

أتنهد (هذا خطأ) وأقول (هذا خطأ آخر): «ظل مستيقظا معي الليلة الماضية لمدة ثلاث ساعات متصلة في منتصف الليل.»

تقول غاضبة: «انس الأمر ... لا عليك! آسفة لطلب ذلك!»

صفحة غير معروفة