سبيل المهتدين إلى شرح الأربعين النووية
الناشر
الدار العالمية للنشر - القاهرة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م
مكان النشر
جاكرتا
تصانيف
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يُونُس: ١٨].
وَأَتَتْهُم شُبْهَةُ صِحَّةِ دُعَائِهِم وَالاسْتِغَاثَةِ بِهِم مِنْ كَونِ هَؤُلَاءِ المَدْعُوِّينَ هُم مِنَ الصَّالِحِينَ؛ وَأَنَّهُم أَقْرَبُ مِنْهُم إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَسَمَّوا دُعَائَهُم إِيَّاهُم اسْتِشْفَاعًا بِهِم (^١)، وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ هَذَا الفِعْلِ هُوَ الشِّرْكُ مَعَ اللهِ تَعَالَى في الدُّعَاءِ؛ وَالدُّعَاءُ عِبَادَةٌ كَمَا ثَبَتَ فِي الحَدِيثِ (^٢).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَفْسِيرِ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيهِ اللَّيلُ رَأى كَوكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ [الأَنْعَام:٧٦]
"وَالحَقُّ: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ﵊ كَانَ فِي هَذَا المَقَامِ مُنَاظِرًا لِقَومِهِ مُبَيِّنًا لَهُمْ بُطْلَانَ مَا كَانُوا عَلَيهِ مِنْ عِبَادَة الهَيَاكِلِ وَالأَصْنَامِ.
فَبَيَّنَ فِي المَقَامِ الأَوَّلِ مَعَ أَبِيهِ خَطَأَهُمْ فِي عِبَادَة الأَصْنَامِ الأَرْضِيَّةِ الَّتِي هِيَ عَلَى صُوَرِ المَلَائِكَةِ السَّمَاوِيَّةِ لِيَشْفَعُوا لَهُمْ إِلَى الخَالِقِ العَظِيمِ -الَّذِينَ هُمْ عِنْد أَنْفُسِهِمْ أَحْقَرُ مِنْ أَنْ يَعْبُدُوهُ-؛ وَإِنَّمَا يَتَوَسَّلُونَ إِلَيهِ بِعِبَادَةِ مَلَائِكَتِهِ لِيَشْفَعُوا لَهُمْ عِنْدَه فِي الرِّزْقِ وَالنَّصْرِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيهِ! " (^٣).
_________
(^١) قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَينَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزُّمَر: ٣].
(^٢) وَالحَدِيثُ هُوَ «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» ثُمَّ قَرَأَ ﵊: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غَافِر: ٦٠]. صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (١٨٣٥٢) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٤٠٧).
(^٣) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِير (٣/ ٢٩٢).
1 / 28