سبيل المهتدين إلى شرح الأربعين النووية

خلدون نغوي ت. غير معلوم
113

سبيل المهتدين إلى شرح الأربعين النووية

الناشر

الدار العالمية للنشر - القاهرة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م

مكان النشر

جاكرتا

تصانيف

الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ﵁ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ، وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ بقَولِهِ: (نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (^١)! وَإِذَا ثَبَتَتْ بِدْعَةٌ مُسْتَحْسَنَةٌ فِي الشَّرْعِ ثَبَتَ مُطْلَقُ الاسْتِحْسَانِ فِي البِدَعِ؛ فَمَا الجَوَابُ؟ الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ: ١ - أَنَّ عُمَرَ ﵁ إِنَّمَا سَمَّاهَا بِدْعَةً بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الحَالِ مِنْ حَيثُ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَلَمْ تَقَعْ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ ﵁؛ فَهِيَ بِدْعَةٌ لُغَوِيَّةٌ، بمَعْنَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ ﷺ وَزَمَنِ أَبِي بَكْرٍ ﵁ لَا أَنَّهَا بِدْعَةٌ فِي الشَّرْعِ! وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فِي الأَصْلِ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ جَمَاعَةً فِي رَمَضَانَ؛ وَلَكِنَّهُ تَرَكَهَا لِعِلَّةٍ، وَهِيَ فِي قَولِهِ: «خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيكُم»، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ زَالَتْ عِلَّةُ التَّرْكِ؛ وَهِيَ حُصُولُ التَّشْرِيعِ بِوُجُوبِهَا (^٢). قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (^٣): " وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ أَي: خَالِقُهُمَا عَلَى غَيرِ مِثَالٍ سَبَقَ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: وَهُوَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلشَّيءِ المُحْدَثِ: بِدْعَةٌ، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ لِمُسْلِمِ «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ". وَالبِدْعَةُ عَلَى قِسْمَينِ: تَارَةً تَكُونُ بِدْعَةً شَرْعِيَّةً، كَقَولِهِ: «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ،

(^١) البُخَارِيُّ (٢٠١٠). (^٢) وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَيضًا أَحَدُ أَلْفَاظِ الحَدِيثِ وَهُوَ "إِنْ كَانَتْ هَذِهِ بِدْعَةً؛ لَنَعِمَّتِ البِدْعَةُ". رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِهِ (كِتَابُ قِيَامِ رَمَضَانَ) (ص: ٩٠). (^٣) تفْسِير ابْنُ كَثِيرٍ (١/ ٣٩٨).

1 / 114