كان هم بطرس كرامة أن يظل خاطر المير صافيا، والأمير ككل البشر يرضيه الثناء ويعجبه، فلم يدع شاعره فرصة تمر حتى قال فيها شعرا، فكل ما يحدث في البلاط، وفي ساحة الوغى، وفي الصيد، وفي ساعات الفراغ، يستحق عنده التسجيل شعرا، فكأن قريحة شاعرنا عداد «تكسي» لا يقف أبدا، لو سعل سعادة المير سعلة رنانة، أو تجشأ بعد عشاء ثقيل شمته شاعره بالمنظوم، فيطيب الخاطر العاطر.
وكان «سعادته» ماهرا في حلب القرائح يستفزها بطرق شتى، كإهداء «باقة زهر» إلى الشاعر، فيقول هذا في وصفها:
وباقة زهر من مليك منحتها
معطرة الأرواح مثل ثنائه
فأبيضها يحكي جميع خصاله
وأصفرها يحكي نضار عطائه
وأزرقها عين تشاهد فضله
وأحمرها يحكي دماء عدائه
فيخمسها ويعارضها نقولا الترك، فتعجب أبياته الأمير، فيأمر بتخميس التخميس، وتشطير المعارضة، فتخمس وتشطر في حضرته، وتنال كلها إعجابه العالي، ويعلم الله ماذا كانت جوائز صاحب السعادة، وعطاياه في تلك الساعة.
أما قصائد بطرس الضخمة، فكانت تقال في «الخلع السنية» التي تهدى إلى الأمير كل عام، وفي الحوادث الجسام، وكل ذلك منشور في ديوانه المطبوع عام 1898، أما المناسبات الصغرى فحدث عنها ولا حرج: يرخي الأمير عذاره، فيقول شاعره «مؤرخا» هذا الحادث الجلل!
صفحة غير معروفة