وبديعية الخوري في مدح السيد المسيح - له المجد - وحوارييه سلام الله على اسمهم، ولعله نحا في بديعيته نحو أستاذه حين ألف بحث المطالب. هذاك جعل الكثير من أمثلة كتابه آيات إنجيلية مضارعا في ذلك ألفية ابن مالك، وشارحها ابن عقيل. وهذا عارض الحموي جاعلا موضوعه مدح سيده ورسله.
أما ما أعجبني من مواضيع المطران والخوري فهو وضعهم النقاط على الحروف، وتأنيبهم وتوبيخهم الإكليريكيين؛ علمانيين وقانونيين، وهاك شيئا من قصيدة هي أولى قصائد ديوان الخوري قالها في بعض هؤلاء:
كثر العثار بعثرة الرؤساء
وغوى الصغار بغرة الكبراء
لما رأيت الرأس وهو مهشم
أيقنت منه تهشم الأعضاء
وإذا الطبيب تضاعفت أسقامه
أنى ينال أولو الضنا بشفاء
أما الروح الدينية فشائعة في ديوانه كما تشيع في ديوان فرحات، ولا بدع فكلاهما راهب يترجى أن يكون له مكان يسند إليه رأسه في ملكوت الله، ولهذا نراه يعمل بقول القديس بولس: عظ ووبخ بكل سلطان ولا يستهن بك أحد.
وللخوري في آخر ديوانه رسالة تأنق فيها، كتبها نثرا وشعرا مجيبا بها الشماس مكرديج الكسيح أحد أفراد هذه القافلة، ونحا في أسلوبها نحو المتصنعين فملأها تشابيه واستعارات وكنايات وأفكارا تدل على معارف ذاك الزمان وثقافته؛ فمن أمثلة الصنعة فيها قوله: «وصار عقلي تابعا لمعناها «كالأربع التوابع»، والعقل غدا «مرتفعا» نحو «عامل معنوي» حسنها «رفع المبتدأ»، وليس عجبا أن يرفع التجرد والابتداء.» ثم يقول: «ومع ذلك فالفكر أبدته «بالاشتغال»، والجسم أذبته بالاشتعال.» ولعل الخوري نهج في هذا نهج معلمه المطران الذي قال قبله:
صفحة غير معروفة