لم نكن نأخذ على الشيخ «يوسف» مأخذا لو لم يكن يربي على كثيرين من زملائه النواب في فنون السياسة والعلم، فهو راسخ في الصحافة والأدب، إذا عالج أمرا أحاط به من جميع أطرافه.
ويعز علينا أن لا يذكر الناس من روائع الشيخ إلا نكاته، وأن يقولوا: «لقد زرناه في المواقف الحرجة، فلم نجده ذلك الرجل!»
وإني لأرى الحق في جانب من قال: «لقد كان مثل غليان الشيخ يوسف في المجلس مثل نشيش الماء في القدر لا ترفع عن النار حتى يخمد الماء في جوفها.»
إبراهيم حيدر
لسان عملاق في جسد قزمة.
عينان وقادتان، لا تعلم من أي المعادن نارهما، أمن معادن الجحيم أم من معادن الأرض؟
رحب الجبين، بارزه، عاليه.
إذا وقع نظرك على غلام في نحو الأربعين من عمره، تراوح مشيته بين الإسراع والعدو، وهو لا يجاوز في طوله عصا الحطاب، وفي يده سبحة يستوفي طولها ربع قامته، أو إذا ولجت مسرحا للتمثيل فتدلى نظرك أو ارتفع إلى «لوج» استعمرته عصابة من رجال السياسة، ووقفت أبصارك على رأس صغير مؤونة مقلتاه بالذكاء وفمه بسحابة من الهزء يطل ثنيا بعد ثني من بين أكتاف جلسائه ليختلس بعض مشاهد الرواية، أو إذا أبصرت وأنت في الطريق بقطعة صغيرة من اللحم البشري يخيم عليها «صبحي حيدر» بقبعته الفرنجية؛ فقل هذا «إبراهيم حيدر».
زعيم «آل حيدر» في بعلبك، أما لونه السياسي فهو لون القهوة في الحليب.
يقال إنه «مطبق» من أول طبقة في هذا الفن إلا أنه يتناول في «تطبيقه» الكلام الطيب والخبيث بعد أن يمج عليه صبابة من حلاوة الحمة في لسانه.
صفحة غير معروفة