وخلف بنطينس هذا في رئاسة ذيذاسقاليون الإسكندرية في السنة 200 تلميذة إقليمس الإسكندري
6 (145-220)، ولد وثنيا أيضا في آثينة وتميز في الفلسفة وطاف بلادا كثيرة حتى «ألقى عصاه في الإسكندرية»، وكان يجتمع حول منبره طبقات الناس من علماء وأغنياء وغيرهم، وكان هو يحرض الوثنيين على هجر خرافاتهم، ساخرا من آلهتهم، ويعلم المهتدين مبادئ الرسالة المسيحية، وأفضل ما اشتهر به في تاريخ الفكر قوله: «إن الفلسفة تقود إلى الكمال من يلبي دعوة المسيح.» وقوله: «إن الفلسفة في نظري ليست الرواقية، ولا الأفلاطونية، ولا الابيقورية، ولا الأرسطوطاليسية، وإنما هي كل ما تعلمه هذه المذاهب؛ للوصول إلى العدل والحقيقة.»
7
وكان هدفه الأساسي - فيما يظهر - أن يبرهن للملأ أن العقيدة المسيحية لم تكن لتقل شأنا عن أي فلسفة زمنية، وهكذا يكون إقليمس الإسكندري أول من حاول أن يعطي العقيدة المسيحية المرتبة اللائقة بها، ويكون أيضا في مقدمة الآباء الذين حاولوا التوفيق بين النصرانية والفلسفة، وأشهر مؤلفاته كتاب إرشاد اليونانيين، وكتاب المعلم، وكتاب الاسترومات أو «الوشاء»، كما اقترح غبطة البطريرك إغناطيوس أفرام، وهو مجموعة آداب وتأملات وتفسير وتأويل لبعض ما جاء في التوراة،
8
ولما أغلقت مدرسة الإسكندرية، لما حل بالنصارى من الاضطهاد في السنة 202، لجأ إقليمس إلى قبدوقية وأقام عند تلميذه ألكسندروس أسقف قيصرية، ثم انتقل إلى أنطاكية في السنة 211، وكانت وفاته في السنة 215 أو 220.
على أن أشهر من علم في ذيذاسقاليون الإسكندرية: أوريجانيوس العظيم، ولد في مصر في بيت مسيحي في السنة 185 أو 186، وتلقى مبادئ علومه عن أبيه ليونيذاس وأخذ عن إقليمس أيضا، واستشهد والده في السنة 202 وصودرت أمواله وأوريجانيوس لا يزال في السابعة عشرة، فشملته سيدة مسيحية بعطفها، فتابع دروسه في الفلسفة والدين، وأنجز علومه الفلسفية وهو في الخامسة والعشرين في مدرسة أمونيوس صقاس
9
الأفلاطوني الجديد، ودرس العبرية ليستعين بها على فهم التوراة، ودرس في الذيذاسقاليون وأدخل إليه العلوم الرياضية والطبيعية والفلكية، وعلم الشبان والشابات معا.
ودفعا للريبة وزيادة في التعبد والتقشف؛ عمل بمنطوق الآية الثانية عشرة من الفصل التاسع عشر من إنجيل متى، ولم يؤثر عمله هذا في تعلق طلابه به واحترامهم له، وفي السنة 212 ذهب إلى رومة لزيارة الكنيسة «العريقة في القدم»، وفي السنة 215 لجأ إلى فلسطين من شدة الاضطهاد الذي أنزله كركلا بالمسيحيين في مصر، وأقام في قيصرية، فوكل إليه أسقفها وأسقف أوروشليم شرح الأسفار المقدسة، ثم عاد إلى الإسكندرية واستأنف التدريس حتى السنة 230.
صفحة غير معروفة