وتطورت أسماء الوظائف، فأصبح معظمها في القرن السابع يونانيا، وما بقي منها لاتينيا لحق به التحوير فاتخذ شكلا يونانيا، وحتى عهد هرقل كانت اللاتينية لغة الجيش الوحيدة، وكان معظم كبار الضباط يتكلمون اللاتينية وهم من أبناء الولايات الأوروبية ويحملون أسماء لاتينية،
19
وأما في أيام هرقل؛ فإن رجال الجيش أصبح معظمهم آسيويين من أرمينية وسائر الولايات الآسيوية وأصبحت لغة الجيش اليونانية، وإذا كان الروم قد لبثوا يرددون بعض العبارات اللاتينية حتى القرن العاشر؛ فإنهم قليلا ما كانوا يفقهون شيئا مما يلفظون.
20
تزايد نفوذ الكنيسة
وتم اندحار الوثنية في القرن السادس، واكتمل انتصار النصرانية، ولكن النصارى كانوا لا يزالون منقسمين شطرين رئيسين: أرثوذكسيين كاثوليكيين، ومونوفيسيين، وكان هم الأباطرة الأكبر أن يوفقوا إلى إيجاد حل يجمع الشمل ويوحد الكلمة، فجاءت حروب الفتح العربي فسلخت عن جسم الدولة كل من قال بالطبيعة الواحدة فأصبحت الدولة البيزنطية أرثوذكسية كاثوليكية موحدة، وأصبح الفسيلفس حرا طلقا يقول بعقيدة يجمع عليها رعاياه، وينتحل نحلة دينية لا يختلف فيها من رعاياه اثنان، فيقسم عند تقبله التاج من يد بطريرك العاصمة: «أنه سيكون ابن الكنيسة البار وخادمها الأمين.» وأنه سيرعاها بعنايته ويدافع عنها جهده، ويحترم امتيازاتها وتقاليدها، فيحرم كل ما تحرمه، ويؤيد كل ما أقرته مجامعها.
21
وتزايد نفوذ الكنيسة في الأوساط الشعبية، فبهرت عظمة طقوسها العقول، وحرك وعظها الأفئدة والصدور، وتعلق الشعب برهبانها وعقد على صلواتهم وتضرعاتهم الآمال بالسعادة والنجاح، فأقبل الناس على الترهب زرافات زرافات، ورأوا في ارتداء الثوب أفضل السبل إلى خلاص النفس، وتعددت الأديرة، فحوت منها العاصمة وحدها عددا عظيما.
22
وبسقوط الإسكندرية وأنطاكية وأوروشليم في يد العرب، أصبح بطريرك القسطنطينية زعيم الكنيسة الأوحد في الشرق، وكان بطريرك القسطنطينية قد أصبح بطريركا مسكونيا منذ السنة 582 بقرار من مجمع محلي عقد في القسطنطينية للنظر في خصومة نشبت بين غريغوريوس بطريرك أنطاكية وأستيريوس والي الشرق. وقد نشأ عن هذا القرار جدل عنيف بين حامل هذا اللقب يوحنا الصوام وغريغوريوس الذيالوغوس بابا رومة،
صفحة غير معروفة