36
ولدى انضمامه إليهم بأسطول بحر إيجه نادوا به فسيلفسا، فاستولى على العاصمة متخذا اسما له طيباريوس الثالث، وجدع أنف لاونديوس وحبسه في أحد الأديرة (698-705)، ووفق طيباريوس في حروبه ضد العرب واسترد مناطق الحدود التي كان قد فقدها يوستنيانوس ولاونديوس وغزا سورية الشمالية، «ولكن الأهالي والجيش كانوا قد أصبحوا لا يخضعون لسيطرة أحد وكان الفسيلفس لا يستطيع أن يعتمد على أحد وباتت أدنى هزة كافية لقلب عرشه المتداعي.»
37
وفر يوستنيانوس الثاني من منفاه، ورسا مركبه في مياه البلغار، وكان تربيل ملك البغار يبحث عن حجة يتذرع بها لغزو الروم، فلما استنصره يوستنيانوس زحف تربيل بجيشه على القسطنطينية، وكان سكان العاصمة آسفين لزوال حكم هرقل وخلفائه، فعاد يوستنيانوس إلى العرش الذي خلع عنه (705)، «وكان قد عول ألا يفعل شيئا إلا أن يثأر لأنفه المبتور»، فأرسل في طلب لاونديوس وطيباريوس وشدهما بالحبال جنبا إلى جنب ووضعهما على الأرض أمام عرشه في الملعب وجلس واتخذ جسميهما موطئا لقدميه، ثم قطع رأسيهما، وأعدم عددا من كبار الضباط ورجال البلاط وسمل عيني البطريرك ووضع كثيرين من وجهاء القسطنطينية في أكياس ثم أغرقهم في البوسفور.
وفي السنة 711 ثار عليه فيليبيكوس البرداني فدخل العاصمة بينما كان يوستنيانوس في سينوب، ثم قتل يوستنيانوس وقتل ابنه طيباريوس من زوجته ثيودورة الخزرية، وبذلك انتهى أمر الهرقليين بعدما حكموا مائة سنة وسنة، ولكن فيليبيكوس هذا لم يكن سوى رجل لهو ولذة، فقضى وقته (711-713) منصرفا إلى المتع، ولما كان من أصحاب المشيئة الواحدة فقد عزل البطريرك كيروس إلى دير وأقام يوحنا السادس بطريركا محله، ثم عقد مجمعا محليا في السنة 712 أجبر فيه الفسيلفس والبطريرك الجديد أساقفته أن يحرقوا أعمال المجمع السادس.
حتى إذا كانت السنة 713 اتفق قائدان من قادة الجيش فعزلا فيليبيكوس، وأقام الشعب رئيس كتاب القصر أرتاميوس فسيلفسا باسم أنسطاسيوس الثاني، فضبط زمام الملك وعزل البطريرك يوحنا السادس وأقام جرمانوس بطريركا عوضه، وعقد الفسيلفس والبطريرك الجديد مجمعا محليا أيد قرارات المجمع السادس (715)، ولكن في السنة 716 تمرد الجند وأعلنوا خلعه، ونادوا بثيودوسيوس الثالث فسيلفسا، فاستعفى أنسطاسيوس وأقام راهبا في دير.
حصار القسطنطينية (717-718)
وكان البلغاريون والمسلمون في أثناء هذا كله يغزون ولايات الحدود كل من صوبه، وكانت غاراتهم تزداد حدة وتوغلا، فسقطت تيانة في يد العرب المسلمين في السنة 710، وأماسية في السنة 712، وأنطاكية البسيدية في السنة 713، وتوغل العرب في السنة 716 في فريجية وحاصروا عمورية،
38
وباتوا لا ينتظرون إلا النصر ، ولكن الروم كانوا قد أنجبوا لاون الإسوري رجل الساعة الذي تبوأ العرش برضى ثيودوسيوس الثالث وموافقة البطريرك ومجلس الشيوخ ورجال البلاط.
صفحة غير معروفة