الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب

أسد رستم ت. 1385 هجري
172

الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب

تصانيف

33

وفي السنة التالية (695) عين يوستنيانوس لاونديوس قائدا أعلى، فخشي لاونديوس سوء العاقبة واعتقد أن أيامه أصبحت معدودة، فنصح له راهب اسمه بولس أن يضرب ضربة جريئة؛ لأن الشعب والجيش يسيرون وراءه، فهاجم لاونديوس السجن وحرر عددا كبيرا من السجناء السياسيين، فانضمت إليه العامة، فنادى بهم: «النصارى في كنيسة الحكمة»، وأذاع في البلد أن حياة البطريرك في خطر، فاجتمع الشعب في باحة الكنيسة العظمى، وجاءهم البطريك فبارك عملهم قائلا: «هذا هو اليوم الذي صنعه الله.»

وسار لاونديوس إلى القصر وقبض على يوستنيانوس ووزيريه، فجدع أنف الفسيلفس وسلم الوزيرين إلى الجماهير، فطافوا بهما وحرقوهما، ثم نفى لاونديوس الفسيلفس الأشرم إلى الخرسون في القرم، ونادى الزرق بلاونديوس فسيلفسا وتوجه البطريرك.

34

الفوضى (695-717)

وانهزم العرب المسلمون في تهودة - كما أن أشرنا - وانسحبوا من ولاية أفريقية، وكان ما كان من أمر الانقسامات الداخلية بينهم ونشوب الثورات على الأمويين في الحجاز وفي العراق وغيرهما، فاستطاع الروم أن يستعيدوا ما كان لهم من نفوذ وسلطة في أفريقية، وجهز عبد الملك بن مروان في السنة 688 جيشا كبيرا أمر عليه زهير بن قيس وبعثه لاسترداد أفريقية، وذلك رغم انشغاله بثورة عبد الله بن الزبير.

وكتب النصر لزهير فقهر كسيلة في ممس، ثم توغل في البلاد يخضع قبائل البربر الموالية للروم، وترك الروم المسلمين يطيلون خطوط تموينهم، ثم أنزلوا قوة كبيرة في برقى لتعمل في مؤخرة زهير أو لتفاجئه وهو في طريق العودة إلى مصر، ونشبت موقعة في برقة (689) خر فيها زهير صريعا وانهزم العرب المسلمون.

وفي السنة 695 أعد الخليفة الأموي جيشا آخر وأمر عليه حسان بن النعمان، فسار حسان إلى القيروان وقام منها إلى قرطاجة أعظم مدن الروم وأمنعها، وأوقع بهم هزيمة شنعاء، واستولى على قرطاجة في صيف السنة 697، فانسحب منها الروم إلى صقلية، ثم عادوا إلى قرطاجة في خريف السنة نفسها بقيادة البطريق يوحنا فدخلوها عنوة، وأعاد العرب الكرة عليها في صيف السنة 698 مستعينين هذه المرة بقوة بحرية كبيرة فدخلوها آمنين.

35

ونجا القسم الأكبر من جيش أفريقية، وأبحر الضباط إلى القسطنطينية، ودبروا في أثناء رحلتهم مؤامرة لخلع لاونديوس، وأشركوا معهم في هذه المؤامرة طيباريوس عبسيمروس درونغاريوس الأسطول؛ أي نائب القائد،

صفحة غير معروفة