وعلم أبرويز ملك الفرس بما حل بموريقيوس وبإمبراطورية الروم، وكان موريقيوس نفسه قد كتب إليه يستنجده، وسمع أبرويز أيضا بالثورة التي أعلنها نرسيس القائد على فوقاس في اورفة في السنة 603، فرأى أن يستغل فرصة مناسبة، فزحف بنفسه إلى اورفة وحاصرها، ثم تغلب على الروم بين اورفة ونصيبين في السنة 604، وفي السنة 605 سقطت دارا بيده فاتجه أبرويز نحو سورية وأرمينية وانتشرت جيوشه في السنة 607 في سورية وفلسطين تنهب وتحرق وتدمر، وفي السنة 608 توغل الفرس في آسية الصغرى وبلغوا في السنة التالية إلى خلقيدونية حيال القسطنطينية.
وكان فوقاس منهمكا في توطيد دعائم عرشه، فقضى في السنة 607 على قسطنطينة أرملة موريقيوس وعلى بناتها وعلى جرمانوس، وحاول استمالة كبار الضباط، فجعل بريسقوس قائد الحرس وزوجه من ابنته ولكنه عاد فظن به سوءا واتهمه بالمؤامرة عليه، ولم يعط فوقاس الخضر شيئا فقاموا عليه وأهانوه علانية في الهيبودروم، ثم نشبت ثورة في أنطاكية تلتها مؤامرة في القسطنطينية. وهكذا، دواليك، حتى عمت الفوضى وأصبحت الدولة في أمس الحاجة إلى شخصية كبيرة تتولى إنقاذها.
32
الفصل الثالث عشر
الفكر والفن في القرن السادس
التاريخ والمؤرخون
وكما كان الأمر في القرون السابقة، كذلك كانت كتابة تاريخ في القرن السادس هي السجل الرئيسي للفكر البيزنطي ومجلي تطوره، وأبرز المؤرخين في هذه الحقبة وأكثرهم غناء بروكوبيوس القيصري، درس الحقوق والمحاماة ثم أصبح مستشار بليساريوس القائد وكاتم أسراره، وقد صحبه في حروبه ضد الوندال والقوط والفرس، واطلع على مخابراته وخفايا أموره، فجمع لمؤلفاته ما لم يتسن لغيره إدراكه، وبرغم تقعره في اليونانية وأخذه بأساليب هيرودوتوس وثوقيذيذس؛ فإنه ظل سلسا في إنشائه، نشيط الخيال، ضليعا شديدا يقظا، ومؤلفاته ثلاثة: الحروب والملح والأبنية.
1
ويقع كتابه في الحروب في ثمانية أجزاء وصف فيها حروب يوستنيانوس في أفريقية وإيطالية والشرق، وأفرد كتابه الملح لقصص وروايات أظهر بها خفايا الحياة السياسية في العاصمة ولا سيما القصر المقدس وحياة عاهليه يوستنيانوس وثيودورة، وضمن كتابه الأبنية أخبار يوستنيانوس في حقل البناء، فذكر فيه جميع الأبنية التي أمر بتشييدها.
2
صفحة غير معروفة