[في أحكام صلاة العيدين]
[مشروعية صلاة العيدين صلاة العيدين]
في أحكام صلاة العيدين صلاة العيدين (عيد الفطر وعيد الأضحى) مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وقد كان المشركون يتخذون أعيادا (زمانية ومكانية) فأبطلها الإسلام، وعوض عنها عيد الفطر وعيد الأضحى؛ شكرًا لله تعالى على أداء هاتين العبادتين العظيمتين: صوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
* وقد صح عن النبي ﷺ؛ أنه لما قدم المدنية، وكان لأْهِلهاَ يومان يلعبون فيهما؛ قال ﷺ: " «قد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما، يوم النحر، ويوم الفطر» " (١) .
فلا تجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى كأعياد الموالد وغيرها؛ لأن ذلك زيادة على ما شرعه الله، وابتداع في الدين، ومخالفة لسنة سيد المرسلين، وتشبه بالكافرين، سواء (سُميِّت) أعيادًا أو ذكريات أو أيامًا أو أسابيع أو أعوامًا، كل ذلك ليس من (سُنّة) الإسلام، بل هو من فعل الجاهلية، وتقليد للأمم الكفرية من الدول الغربية وغيرها، وقد قال ﷺ: " «من تشبه بقوم، فهو منهم» " (٢) وقال ﷺ: " «إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» " (٣) .
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.
وسمي العيد عيدًا؛ لأنه يعود ويتكرر كل عام، ولأنه يعود بالفرح والسرور، ويعود الله فيه بالإحسان على عباده إثر أدائهم لطاعته بالصيام والحج.
* والدليل على مشروعية صلاة العيد قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢] وقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى - وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٤ - ١٥]
وكان النبي ﷺ والخلفاء من بعده يداومون عليها (٤) .
_________
(١) أخرجه من حديث أنس: أحمد (١١٩٤٥) [٣ / ١٠٣]، والنسائي (١٥٥٥) [٢ / ١٩٩] .
(٢) أخرجه من حديث ابن عمر: أحمد (٥١١٥) [٢ / ٦٨]، وأبو داود (٤٠٣١) [٤ / ٢٠٤] اللباس ٥.
(٣) أخرجه مسلم من حديث جابر ٢٠٠٢ [٣ / ٣٩٢] الجمعة ١٣.
(٤) هذا معلوم بالاستقراء لأن مضمونه ثبت من مجموعة أحاديث.
1 / 1
[حضور النساء صلاة العيد]
وقد أمر النبي ﷺ بها حتى النساء، فيسن للمرأة حضورها غير متطيبة ولا لابسة لثياب زينة أو شهرة؛ لقوله ﵊: " «وليخرُجنَ تفلاتٍ» "، ويعتزلن الرجال، " «ويعتزلُ الحيُضُ المصلَّى» " (١) قالت أم عطية ﵂: " «كنا نُؤْمرُ أن نخرُجَ يوم العيد، حتى تخرُج البِكرُ من خدرها، وحتى تخرج الُحيَّضُ، فيكُن خَلْفَ الناس، فيكبِّرنَ بتكبيِرهم، ويدعُونَ بدعائِهم؛ يرجون بركة ذلك اليومِ وُطهرتَهَ» " (٢) .
*والخروج لصلاة العيد وأداء صلاة العيد على هذا النمط المشهودِ من الجميع فيه إظهار لشِعار الإسلام؛ فهي من أعلام الدين الظاهرة.
_________
(١) متفق عليه: البخاري (٣٢٤) [١ / ٥٤٨]، وللفظ له، ومسلم (٢٠٥١) [٣ / ٤١٨] .
(٢) متفق عليه: البخاري (٩٧١) [٢ / ٥٩٤]، ومسلم (٢٠٥٣) [٣ / ٤١٩] .
1 / 2
[أولُ صلاةٍ صلاها النبي ﷺ للعيد]
* وأولُ صلاةٍ صلاها النبي ﷺ للعيد يوم الفِطرِ من السنة الثانيةِ من الهجرة، ولم يزلْ ﷺ يواظبُ عليها حتى فارق الدنيا، صلوات الله وسلامهُ عليه.
واستمر عليها المسلمون خَلفًا عن سلف، فلو تركها أهلُ بلدٍ مع استكمال شروطها فيهم، قاتلهم الإمامُ؛ لأنها من أعلام الدينِ الظاهرة كالأذان.
1 / 3
[أداء صلاة العيد في صحراءٍ قريبةٍ من البلدِ]
* وينبغي أن تؤْدَّى صلاةُ العيد في صحراءٍ قريبةٍ من البلدِ؛ لأنَّ النبي ﷺ كان يصلِّي العيدين في المصلَّى الذي على باب المدينة، فعن أبي سعيد: " «كانَ النبي ﷺ يخرجُ في الفطر والأَضحى إلى المصلَّى» " (١) .
ولم يُنقَلْ أنهُ صلاها في المسجدِ لغيرِ عُذْرٍ، ولأن الخروجَ إلى الصحراءِ أوقع لهيبة المسلمين والإسلام، وأظهرُ لشعاِئرِ الدين، ولا مشقَّةَ في ذلك؛ لعدم تكرُّرِه، بخلاف الجمعة، إلا في مكة المشرفةِ؛ فإنها تصلى في المسجدِ الحرام.
_________
(١) متفق عليه: البخاري (٩٥٦) [٢ / ٥٧٨]، ومسلم (٢٠٥٠) [٣ / ٤١٧] .
1 / 4
[وقت صلاةُ العيد]
* وَيبْدَأُ وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رُمْحٍ؛ لأنه الوقت الذي كان النبي ﷺ يصليها فيه، ويمتد وقتها إلى زوال الشمس.
* فإن لم يَعْلَم بالعيد إلا بعد الزوال، صلوا من الغد قضاءً؛ لما روى أبو عميرٍ ابن أنس عن عمومة له من الأنصار، قالوا: " «غُمَّ علينا هلال شوال، فأَصبحنا صيامًا، فجاء ركبٌ في آخر النهار، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبيُّ ﷺ الناس أن يفطِروا من يومهم، وأن يَخرُجوا غدًا لعيدهم» " (١) فلو كانت تُؤدى (بَعْدَ) الزوال، لما أخرها النبيُّ ﷺ إلى الغد ولأنّ صلاة العيد شُرِع لها الاجتماع العام فلا بُدَّ أن يَسْتسقْها وقْتٌ يتمكن الناس. . . يتمكن الناس من التهُّيئِ لها.
_________
(١) رواه أحمد وأبو داود والدارقطني، أخرجه أو داود (١١٥٧) [١ / ٤٧٧]، والنسائي (١٥٥٦) [٢ / ١٩٩]، وابن ماجه (١٦٥٣) [٢ / ٣٠٣]، الدارقطني (٢١٨٣) [٢ / ١٤٩] الصيام ٢، وحسنه، وصححه جماعة من الحفاظ.
1 / 5
[تقديمُ صلاةِ الأضحى وتأخيرُ صلاةَ الفطرِ]
* ويُسَنُ: تقديمُ صلاةِ الأضحى وتأخيرُ صلاةَ الفطرِ؛ لما روى الشافعي مرسلًا؛ أن النبي ﷺ كَتبَ إلى عمرو بن عزم: " «أَنْ عَجِّلِ الأضحَى، وَأَخِّر الفطر، وذكرِ الناسِ» " (١) وليتسع وقتُ التضحية بتقديِم الصلاة في الأضحى، ولِيتسع الوقتُ لإخراج زكاةِ الفطر قَبلَ صلاةِ الفطر.
_________
(١) أخرجه من طريق أبي الحويرث: عبد الرزاق (٥٦٥١) [٣ / ٢٨٦] العيدين.
1 / 6
[أكل تمرات قبل الخرُوج لصلاة الفطر وعدمه يوم النحر حتى يصلِّي]
* ويُسنُّ: أن يأَكلَ قبل الخرُوج لصلاة الفطر تَمَرَاتٍ، وأن لا يَطْعَمَ يوم النحر حتى يصلِّي؛ لقول بُرَيْدَةَ: " «كان النبي ﷺ لا يخرجُ يومَ الفِْطِر حتى يُفِطرَ ولا يَطْعَمُ يومَ النحر حتى يصلِّيَ» " (١) .
قال الشيخ تقيُّ الدين: (لما قدَّم اللهُ الصلاة على النحرِ في قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢] وقدَّمَ التزكي على الصلاة في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى - وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٤ - ١٥] [الأعلى ١٤ - ١٥]؛ كانت السنةُ أن الصدقَة قبلَ الصلاة في عيد الفطر، وأن الذبحَ بعد الصلاة في عيد النحر)
_________
(١) رواه أحمد وغيره، أخرجه أحمد [٥ / ٣٥٢]، وابن ماجه (١٧٥٦)، والترمذي (٥٤٢)، وابن خزيمة (١٤٢٦) .
1 / 7
[التبكيُر في الخروج لصلاة العيدِ]
*ويُسَنُّ التبكيُر في الخروج لصلاة العيدِ ليتمكَّنَ من الدُّنُوِّ من الإمام، وتحصُلَ له فضيلةُ انتظارِ الصلاةِ فيكثرَ ثوابهُ
1 / 8
[التجمل لصلاةِ العيد]
*ويُسَنُّ أن يتجمَّلَ المسلمُ لصلاةِ العيد بلُبْس أَحَسنِ الثياب لحديث جابر «كانت للنبي ﷺ جَُّبةٌ يلبسُها في العيدين ويومَ الجمعة» (١) .
وعن ابن عمر أنه كان يلبسُ في العيدينِ أَحسنَ ثيابهِ (٢) .
_________
(١) رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، أخرجه ابن خزيمة (١٧٦٦) [٣ / ١٣٢] الجمعة ٣٤.
(٢) رواه البيهقيُّ، أخرجه ابن خزيمة (١٧٦٦) [٣ / ١٣٢] الجمعة ٣٤، بإسنادِ جيدٍ.
1 / 9
[الاستيطان شرط لصلاةِ العيد]
* ويُشَتَرطُ الصلاةِ العيد الاستيطانُ بأن يكون الذي يقيمونها مستوطنين في مساكنَ مبنيةٍ بما جرت العادةُ بالبناءِ به، كما في صَلاةِ الجمعة، فلا تُقامُ صلاة العيد إلا حيث يسوغُ إقامة صلاة الجمعة لأن النبي ﷺ وافقَ العيدَ في حجته، ولم يصلها، وكذلك خلفاؤُه من بعده
1 / 10
[صفة وأحكام صلاة العيد]
* وصلاةُ العيد ركعتان قبل الخطبة لقول ابن عمر «كان رسولُ الله ﷺ وأبو بكر وعمرُ وعثمانُ يصلون العيدين قبل الخطبة» (١) .
وقد استفاضت السنةُ بذلك، وعليه عامةُ أهل العلم، قال الترمذي (والعملُ عليه عند أَهلِ العلم من أَصحابِ النبي ﷺ وغيرهم، أن صلاة العيدين قبل الخطبة)
وحكمةُ تأْخيرِ الخُطبةِ عن صلاة العيد وتقديمها على صلاة الجمُعة أن خُطبةَ الجمُعة شرطٌ للصلاة، والشرطُ مقدمٌ على المشروطِ، بخلاف خطبة العيد، فإنها سنةٌ
* وصلاةُ العيدين ركعتان بإِجماع المسلمين؛ وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس «أن النبي ﷺ صلى يومَ الفطر ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما» (٢) وقال عمرُ «صلاة الفِطِْر والأضحى ركعتان، تمامٌ غير قصر، على لسان نبيكم ﷺ، وقد خاب من افترى» (٣) .
* ولا يُشرَعُ لصلاة العيد أذانٌ ولا إقامةٌ؛ لما روى مسلم عن جابر «صلَّيت مع النبي ﷺ العيد غيَر مَّرةٍ ولا مرَّتين فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة» (٤) .
* ويُكِّبرُ في الركعة الأُولى بعد تكبيرةِ الإحرام والاستفتاح وقبل التعوذُّ والقراءة ستَّ تكبيراتٍ وتكبيرةُ الإحرام ركنٌ، لا بُدَّ منها، لا تنعقِدُ الصلاةُ بدونها، وغيرهُا من التكبيراتِ سنة
* ثم يستفتحُ بعدَها؛ لأن الاستفتاح في أول الصلاةِ، ثم يأتي بالتكبيراتِ الزوائدِ الستِّ، ثم يتعوذ عَقِبَ التكبيرةِ السادسة؛ لأن التعوُّذ للقراءة فيكونُ عندها، ثم يقرأُ
* ويُكبرِّ في الركعةِ الثانيةِ قَبْلَ القراءَة خمس تكبيراتٍ غير تكبيرة الانتقال؛ لما روى أحمدَ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي ﷺ كبَّر في عيدٍ ثنتي عَشْرَة تكبيرةً سبعًا في الأُولى، وخمسًا في الآخرة» (٥) .
* ورُويَ غيرُ ذلك في عدد التكبيرات، قال الإمام أَحمدُ ﵁ (اختلف أَصحابُ النبي ﷺ في التكبير، وكلهُّ جائز)
* ويرفعُ يديه مع كلِّ تكبيرةٍ؛ لأنه ﷺ كانَ يرفَعُ يديه مع التكبير (٦) .
* ويُسنُّ أن يقول بين كل تكبيرتين الله أكبُر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلًا، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليمًا كثيرًا؛ لقول عقبة بن عامر سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيراتِ العيدِ؟ قال (يحمد الله، ويثُني عليه، ويصلي على النبي ﷺ (٧) .
ورواه البيهقيُّ بإسناده عن ابن مسعود قولًا وفعلًا
وقال حذيفة (صدق أبو عبد الرحمن)
وإن أتى بذكرٍ غير هذا، فلا بأس؛ لأنه ليس فيه ذكرٌ معين
قال ابن القيم (كان يسكتُ بين كل تكبيرتين سكتةً يسيرةً، ولم يُحفظْ عنه ذكرٌ معين بين التكبيراتِ) أهـ
* وإن شك في عدد التكبيرات بنىَ على القينِ وهو الأَقلُّ
* وإن نسي التكبيرَ الزائدَ حتى شَرَعَ في القراءة، سقط لأنهُ سنةٌ فات مَحَلهُّا
* وكَذَا إن أَدْرَكَ المأمومُ الإمام بعدما شَرَعَ في القراَءةِ، لم يأت بالتكبيراتِ الزوائدِ، أو أدركه راكعًا؛ فإنه يكبرُ تكبيرةَ الإحرام، ثم يركعُ، ولا يشتغل بقضاءِ التكبير
* وصلاة العيد ركعتانِ، يجهر الإمامُ فيهما بالقراءة لقول ابن عمر «كان النبي ﷺ يجهرُ بالقراءة في العيدين وفي الاستسقاءِ» (٨) .
وقد أَجمع العلماءُ على ذلك، ونقله الخَلَفُ عن السَّلفَ، واستمرَّ عملُ المسلمين عليه
*ويقرأُ في الركعة الأُولى بعد الفاتحة بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] [الأعلى: ١]، ويقرأُ في الركعة الثانيةِ بالغاشية؛ لقول سمرة «إن النبيَّ ﷺ كان يقرأُ في العيدين بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] [الأعلى: ١]، و﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] [الغاشية: ١] . . .» (٩) .
أو يقرأُ في الركعة الأُولى بـ «ق»، وفي الثانية بـ ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١] [القمر: ١]، لما في صحيح مسلم، والسنن وغيرها أنه ﷺ «كان يقرأُ بـ «ق»، وبـ اقْتَرَبَتِ» (١٠) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (مهما قرأُ به جاز كما تجوزُ القراءةُ في نحوها من الصلواتِ، لكن إن قرأُ «ق»، واقْتَرَبَتِ، أو نحو ذلك مما جاء في الأثر؛ كان حسنًا، وكان قراءتُه ﷺ في المجامع الكبارِ بالسور المشتملة على التوحيدِ والأمر والنهي والمبدأَ والمعاد وقصص الأنبياءِ مع أممهم وما عاملَ الله به من كذبهم وكفر بهم، وما حل بهم من الهلاك والشقاء، ومن آمن بهم وصدقهم وما لهم من النجاة والعافية) (١١) انتهى
_________
(١) متفق عليه: البخاري (٩٦٣) [٢ / ٥٨٤]، ومسلم (٢٠٤٩) [٣ / ٤١٦] .
(٢) متفق عليه: البخاري (٩٦٤) [٢ / ٥٨٤]، واللفظ له، ومسلم (٢٠٥٤) [٣ / ٤٢٠] .
(٣) رواه أحمد وغيره، أخرجه أحمد (٢٥٧) [١ / ٣٧]، والنسائي (١٤١٩) [٣ / ١٢٣] (١٥٦٥) [٣ / ٢٠٣]، وابن ماجه (١٠٦٣، ١٠٦٤) [١ / ٥٥٦، ٥٥٧] .
(٤) أخرجه مسلم (٢٠٤٥) [٣ / ٤١٤]، وفيه تداخل مع حديثه الآخر (٢٠٤٨) [٣ / ٤١٦] .
(٥) أخرجه أحمد (٦٦٨٨) [٢ / ١٨٠]، وأبو داود (١١٥١) [١ / ٤٧٥]، وابن ماجه (١٢٧٨) [٢ / ١٠٢]، والدارقطني (١٧١٢) [٢ / ٣٦]] . وإسناده حسن.
(٦) أخرجه البيهقي من حديث ابن عمر (٣ / ٢٩٣) .
(٧) أخرجه البيهقي (٦١٨٦) [٣ / ٤١٠] العيدين ١٤ بنحوه.
(٨) رواه الدارقطني [أخرجه الدارقطني (١٧٨٥) [٢ / ٥٤] .
(٩) رواه أحمد، أخرجه بالفظ: "كان يقرأ في الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى والغاشية": أحمد (٢٠٠٩٣) [٥ / ١٩]، وأبو داود (١١٢٥) [١ / ٤٦٨]، النسائي (١٤٢١) [٣ / ١٢٤] . وأن ما رواه أحمد عن النعمان بن بشير بلفظ: "قرأ في العيدين. . . " (١٨٣٤٣) [٤ / ٣٦٩]، ومثله عن ابن عباس، أخرجه: أحمد (١٨٣٩٠) [٤ / ٣٧٦]، وابن ماجه (١٢٨٣) [٢ / ١٠٤]، ويغني عنها كلها حديث النعمان في مسلم: "كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية" (٢٠٢٥) [٣ / ٤٠٥] .
(١٠) أخرجه من حديث أبي واقد الليثي: مسلم (٢٠٥٦) [٣ / ٤٢١]، وأبو داود (١١٥٤) [١ / ٤٧٦]، والترمذي (٥٣٣) [٢ / ٤١٥]، والنسائي (١٥٦٦) [٢ / ٢٠٤]، وابن ماجه (١٢٨٢) [٢ / ١٠٣] .
(١١) "الفتاوى" (٢٤ / ٢٠٥، ٢١٩) .
1 / 11
[خطبة العيد]
* فإذا سلم من الصلاة، خطب خُطبتين، يجلِس بينهما؛ لما روى عبيد الله بن عتبة؛ قال السنةُ أن يخطُب الإمامُ في العيدين خطبتين، يفصل بينهما، بجلوس (١) .
ولابن ماجه عن جابر «خطب قائمًا؛ ثم قعد قعدة ثم قام» (٢) .
وفي الصحيح وغيره «بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قام متوكئًا على بلالٍ، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته» (٣) الحديث
ولمسلم «ثم ينصرفُ، فيقومُ مقابلَ الناس، والناس جلوسٌ على صفوفِهم» (٤) .
ويحثُّهم في خُطبة عيدِ الفِطر على إِخراج صدقةِ الفطر، ويبينُ لهم أَحكامَها من حيث مقدارها، ووقت إِخراجِها، ونوع المُخْرَج فيها
ويرغبهم في خطبة عيد الأضحى في ذبحِ الأُضْحِيَّة، ويبينُ لهم أَحكامَها؛ لأن النبي ﷺ ذكرَ في خُطبة الأَضحى كثيرًا من أحكامها (٥) .
وهكذا ينبغي للخُطباء أن يركَّزوا في خُطبِهمْ على المناسبات، فيبينوا للناس ما يحتاجون إلى بيانه في كل وقتٍ بحسبهِ بعدَ الوصيةَّ بتقوى الله والوعظِ والتذكيرِ، لا سيما في هذه المجامع العظيمة والمناسبات الكريمة، فإنه ينبغي أن تُضمَّن الخطبةُ ما يفيدُ المستمعَ ويذكِّر الغافلَ ويعلِّمُ الجاهلَ
* وينبغي حضورُ النِّساءِ لصلاةِ العيد؛ كما سبق بيانه، وينبغي أن توجَّه إليهن موعظةٌ خاصة ضِمْنَ خُطبة العيد؛ لأنه عليه والصلاة والسلام لما رأَى أنه لم يُسْمِع النساءَ أتاهُنَّ فوعظهن وحثَّهن على الصدقة (٦) .
وهكذا ينبغي أن يكونَ للنساء نصيبٌ من موضوعِ خُطبة العيد لحاجتهن إلى ذلك، واقتداءُ بالنبي ﷺ
_________
(١) رواه الشافعي. أخرجه البيهقي (٦٢١٣) [٣ / ٤٢٠] العيدين ٢٣.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٢٨٩) [٢ / ١٠٦]، وأخرجه بنحوه: أبو داود (١٠٩٣) [١ / ٤٥٨]، والنسائي (١٤١٦) [٢ / ١٢٢]، وأصله في مسلم (١٩٩٣) [٣ / ٣٨٨]، ونحوه عن ابن عمر في المتفق عليه: البخاري (٩٢٠) [٢ / ٥١٥]، الجمعة ٢٧، ومسلم (١٩٩١) [٣ / ٣٨٧] الجمعة ١٠.
(٣) أخرجه مسلم من حديث بلال (٢٠٤٥) [٣ / ٤١٤] العيدين.
(٤) أخرجه بنحوه مسلم من حديث أبي سعيد (٢٠٥٠) [٣ / ٤١٧] العيدين.
(٥) كما في حديث البراء بن عازب وجنوب المنفق عليهما: البخاري (٩٦٥، ٩٨٥) [٢ / ٥٨٤، ٦٨٠] العيدين ٨ و٢٣، ومسلم (٥٠٤٩، ٥٠٣٨) [٧ / ١١٧، ١١٢] الأضاحي ١.
(٦) كما في حديث ابن عباس المتفق عليه: البخاري (١٤٤٩) [٣ / ٣٩٣]، ومسلم (٢٠٤٢) [٣ / ٤١٣] .
1 / 12
[الصلاة قبل صلاة العيد وبعدَها]
[في موضعها]
* ومن أَحكامِ صلاةِ العيد أنهُ يُكرَهُ التنفُّل قبلهَا وبعدَها في موضعها، حتى يفارِقَ المصلى؛ لقول ابن عباس «صلى النبي ﷺ يومَ عيدِ ركعتين لم يُصَلِّ قبلهما ولا بعدهما» (١) ولئلا يتوهم أن لها راتبه قبلهاَ أو بعدَها
قال الإمام أحمد (أهلُ المدنيةِ لا يَتَطَوعونَ قبلهَا ولا بعدَها)
وقال الزهريُّ (لم أًسمعْ أحدًا من علماِئنا يذكُرُ أن أَحدًا من سَلَفِ هذه الأمة كان يصلي قبلَ تلك الصلاة ولا بعدها، وكان ابنُ مسعودٍ وحذيفةُ ينهيان الناس عن الصلاة قبلها) (٢) .
_________
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (٩٦٤)، ومسلم (٨٨٤) .
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٥٦٠٦) [٣ / ٢٧٣] العيدين.
1 / 13
[إذا رجع إلى منزله]
* فإذا رجع إلى منزله، فلا بأْس أن يصلي فيه؛ لما روى أحمدُ وغيره «أن النبي ﷺ كان إَذا رجعَ إلى منزلِه من العيد صل ركعتين» (١) .
_________
(١) أخرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد (١٢٩٣) [٢ / ١٠٨]، وأحمد [٣ / ٢٨، ٤٠]، وابن خزيمة (١٤٦٩) .
1 / 14
[قضاؤها لمن فاتته]
* ويُسَنُّ لمن فاتته صلاةُ العيدِ أو فاتهَ بعضُها قضاؤُها على صفتها بأن يصليها ركعتين بتكبيراِتها الزوائِد لأن القضاءَ يحكي الأداءَ، ولعمومِ قوله ﷺ «فما أَدركتم فصلُّوا وما فاتكم فَأَتمُّوا»
فإذا فاتته ركعةٌ مع الإمام، أضافَ إليها أُخرى
وإن جاءَ والإمامُ يخطبٌ جلس لاستماع الخُطبة، فإذا انتهت صلاها قضاءً، ولا بأس بقضائها منفردًا أو مع جماعة
1 / 15
[التكبير في العيدين]
[التكبيُر المطلقُ]
* ويسن في العيدين التكبيُر المطلقُ وهو الذي لا يتقيدُ بوقتِ يرفعُ به صوتهَ، إلا الأُنثى فلا تجهرُ به، فيكبرُ في ليلتي العيدين، وفي كل عشر ذو الحجة؛ لقوله تعالى
﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] [البقرة: ١٨٥]، ويجهرُ به في البيوت والأسواقِ والمساجد وفي كل موضعٍ يجوزُ فيه ذكر الله تعالى، ويجهرُ به في الخروجِ إلى المصلى؛ لما أخرجه الدارقطني وغيره عن ابن عمر (أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى، يجهرُ بالتكبير، حتى يأتي المصلى، ثم يكبرُ حتى يأتي الإمام) (١) وفي الصحيح «كُنا نؤمرُ بإخراج الحيُض فيكبرنَّ بتكبيرِهم»، ولمسلم «يُكبرنَّ مع الناس» (٢) فهو مستحبٌ لما فيه من إظهارِ شعائرِ الإسلام
والتكبيرُ في عيد الفطر آكدُ، لقوله تعالى ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] [البقرة: ١٨٥]، فهو في هذا العيد آكد؛ لأن الله أمر به
_________
(١) أخرجه الدارقطني (١٧٠٠) [٢ / ٣٤] العيدين ١، وأخرجه الحاكم بنحوه (١١٤٧) [١ / ٢٩٨] .
(٢) أخرجه مسلم من حديث أم عطية (٢٠٥٢) [٣ / ٤١٩] .
1 / 16
[التكبير المقيد]
* ويزيدُ عيدُ الأضحى بمشروعيةِ التكبيرِ المقيد فيه، وهو التكبيرُ الذي شُرِعَ عَِقبَ كل صلاةِ فريضةٍ في جماعةِ، فيلتفت الإمامُ إلى المأمومين، ثم يكبرُ ويكبرونَ؛ لما رواه الدارقطني وابن أبي شيبة وغيرهما من حديث جابر «أَنَّه كان ﷺ إذا صلى الصبح من غداةِ عرفة، يقولُ الله أَكبرُ» (١) الحديث
ويبتدأُ التكبيرُ المقيد بأَدبارِ الصلواتِ
في حق غير المحرُِمِ من صلاةِ الفجرِ يومَ عرَفَة إلى عصرِ آخر أيام التشريق
وأما المحُِرمُ، فيبتدئُ التكبيرُ المقيد في حقه من صَلاةِ الظُّهر يومِ النحر إلى عصر آخِر أيام التشريقِ، لأنه قبل ذلك مشغولٌ بالتلبية
روى الدارقطني عن جابر «كان النبي ﷺ يُكبرُ في صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أَيَّام التشريق حين يسلم من المكتوبات» (٢) وفي لفظ «كان إذا صلى الصبحَ من غداةِ عرفة؛ يُقبلُ على أصحابه فيقول على مكانكم، ويقول الله أَكَبرُ، الله أَكبرُ، لا إلا إله الله، والله أَكبرُ، الله أكبر، ولله الحمد» (٣) .
وقال الله تعالى ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٠٣] [البقرة: ٢٠٣]، وهي أيام التشريق
وقال الإمام النووي (هو الراجع، وعليه العمل في الأَمصار)
وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية (أصحُّ الأقوالِ في التكبيرِ الذي عليه الجمهورَ من السلفِ والفقهاءِ من الصحابةِ والأَئمة أن يكِّبرَ من فجر يوم عرفةَ إلى آخِرِ أَيام التشريق عَقِبَ كل صلاةٍ؛ لما في السنن «يومُ عرفةَ ويومُ النَّحِر وأَيَّامُ منى عيدُنا أَهلَ الإسلام، وهِيَ أَيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله» (٤) .
وكونْ المحرم يبتدئُ التكبيرَ المقيد من صلاةِ الظهرِ يوم النحر؛ لأن التلبيةَ تُقطَعُ برمي جمرةِ العقبةِ، ووقتُ رميِ جمرةِ العقبةِ المسنونُ ضُحَى يومِ النحر، فكان المحُِرمُ فيه كالمحُل، فلو رمى جمرةَ العقبةِ قبلَ الفجرِ، فلا يبتدئ التكبيرَ إلا بعدَ صلاةِ الظهرِ أيضًا؛ عملًا على الغالب) (٥) انتهى
_________
(١) أخرجه الدارقطني (١٧١٩) [٢ / ٣٧]، والحاكم (١١٥٢ [١ / ٢٩٩] .
(٢) أخرجه الدارقطني (١٧١٩) [٢ / ٣٧] العيدين.
(٣) أخرجه الدارقطني عن جابر (١٧٢١) [٢ / ٣٨] .
(٤) أخرجه أبو داود (٢٤١٩) [٢ / ٥٥٨]، والترمذي (٧٧٢) [٣ / ١٤٣]، ومسلم بلفظ: "وأيام منى أيام أكل وشرب" (١١٤٢) .
(٥) انظر: "فتاوى شيخ الإسلام" (٢٠ / ٣٦٤)، (٢٤ / ٢٢٠) .
1 / 17
[صفةُ التكبير]
* وصفةُ التكبير أَن يقولَ الله أَكبر، الله أَكبر، لا إله إلا الله، والله أَكبر، الله أَكبر، ولله الحمد
1 / 18
[التهنئة في العيدين]
* ولا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضًا، بأن يقول لغيره تقبل الله منا ومنك
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره) (١) أهـ
والمقصودُ من التهنئة التودُّد وإظهارُ السرور وقال الإمام أحمد (لا أبتدئ به، فإن ابتدأَني أَحدٌ أَجبتهُ)
وذلك لأن جوابَ التحيةِ واجبٌ، وأما الابتداء بالتهنئةُ، فليس سنةً مأمورًا بها، ولا هو أيضًا مما نُهيَ عنه، ولا بأَسَ بالمصافحة في التهنئةِ، والله تعالى أعلم
* * *
_________
(١) "فتاوى شيخ الإسلام" (٢٤ / ٢٥٣) .
1 / 19
[في أَحكامِ صَلاةِ الكُسُوفِ]
[اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ من آيات الله]
باب
في أَحكامِ صَلاةِ الكُسُوفِ قال الله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: ٥] [يونس: ٥] .
وقال تعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧] [فصلت: ٣٧] .
1 / 20