وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ (١).
فقوله تعالى: ﴿فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ﴾ الروح ﴿الْحُلْقُومَ﴾ أي الحلق وذلك حين الاحتضار، كما قال تعالى: ﴿كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ ولهذا قال هاهنا: ﴿وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ﴾ أي المحتضر وما يكابده من سكرات الموت ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ﴾ أي بعلمنا وملائكتنا، ﴿وَلَكِن لا تُبْصِرُونَ﴾ أي ولكن لا ترونهم، كما قال تعالى في الآية الأخرى:
﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى الله مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿فَلَوْلا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ معناه: فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول ومقرها من الجسد ﴿إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ﴾ يعني محاسبين، وقيل: ﴿إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ﴾ يعني غير مصدقين أنكم تدانون وتبعثون وتجزون فردوا هذه النفس، وقيل: المعنى
_________
(١) سورة الواقعة، الآيات: ٨٣ - ٩٦.
(٢) سورة الأنعام، الآيتان: ٦١، ٦٢.
1 / 26