290

قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

الناشر

دار التدمرية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ (١).
"وقد يكون من حجتهم على هذا القول قول بعض اللغويين أن معنى: «مُنفكِّينَ»، أي: هالكين، من قولهم: انفك صلا المرأة عند الولادة، وهو أن ينفصل فلا يلتئم فتهلك، والمعنى: لم يكونوا معذّبين، ولا هالكين إلا بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب " (٢).
حجة أصحاب القول الرابع الذين يرون أن منفكين لا تؤخذ على ظاهرها وإنما تؤول
وهم يرون أن الآية جاءت بمعنى التوبيخ، وحجتهم في هذا المعنى بينها الزمخشري بقوله: "كان الكفار من الفريقين أهل الكتاب وعبدة الأصنام يقولون قبل مبعث النبي ﷺ: لا ننفك مما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل، وهو محمد ﷺ، فحكى الله تعالى ما كانوا يقولونه ثم قال: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول، ثم ما فرقهم عن الحق ولا أقرّهم على الكفر إلاّ مجيء الرسول ﷺ؛ ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه: لست بمنفك مما أنا فيه حتى يرزقني الله الغنى، فيرزقه الله الغنى فيزداد فسقًا، فيقول واعظه: لم تكن منفكًا عن الفسق حتى توسر، وما غمست رأسك في الفسق إلاّ بعد اليسار: يذكره ما كان يقوله توبيخًا وإلزامًا. وانفكاك الشيء من الشيء: أن يزايله بعد التحامه به، كالعظم

(١) سورة ص، الآية (٢٧).
(٢) اللباب في علوم الكتاب / ابن عادل، ج ٢٠، ص ٤٣٥.

1 / 295