وهكذا أعيدت امتيازات العهد السابق التي انتهكت حرمتها، ولكن لم يتم الوصول إلى هذه النتيجة إلا بتخريب فرنسة وإحراق ولايات بأسرها وقتل نفوس كثيرة وإيقاع كثير من الأسر في الغم الشديد وإقلاق أوربة وموت مئات الألوف من الناس في ميادين الحرب.
نختم هذا الفصل الذي بحثنا فيه عن نفسية كثير من زعماء الثورة الفرنسية بما يأتي:
إذا كان علم الأخلاق - وهو الباحث في القواعد التي يجب على المجتمعات أن تحترمها لتعيش - يقضي على علمائه أن يكونوا أشداء في أحكامهم على بعض الأشخاص، فإنه ليس في علم النفس ما يجعل علماءه أشداء مثلهم، فغاية علم النفس هي إدراك الأسباب، ولسرعان ما يزول النقد تجاه هذا الإدراك.
والروح البشرية آلة سريعة الانكسار؛ ولذلك قلما تستطيع الحوادث التي تمثل على مسرح التاريخ أن تقاوم القوى المحركة لها، وبما أن هذه القوى المهيمنة مؤلفة من الوراثة والبيئة والأحوال فإنه لا يستطيع أن يقول متيقنا ما يصبح سيره لو كان في مكان من يحاول أن يفسر أعمالهم من الرجال.
الباب الثالث
النزاع بين المؤثرات الوراثية والمبادئ الثورية
الفصل الأول
تقلص الفوضى - حكومة الديركتوار
(1) نفسية الديركتوار
كانت حكومة الديركتوار تتألف من ثلاثة مجالس، منها مجلسان اشتملا على كثير من النواب، وأما المجلس الثالث فقد كان صغيرا مؤلفا من خمسة مديرين، وكان المجلسان الكبيران يشبهان مجلس العهد بضعفهما، نعم، إنهما لم يسيرا مثله مع الفتن الشعبية التي قاومها مجلس المديرين بيد حديدية، ولكنهما كانا يذعنان لأوامر هؤلاء المديرين المطلقة إذعانا تاما.
صفحة غير معروفة