369

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

تصانيف

ثم ركب الاثنان قارب السفينة وجرى بهما حتى بلغ إلى السفينة، فصعد إليها فقاده الربان إلى قاعة فيها وقال له: فسأرسل إليك باكارا.

ولم يمض هنيهة حتى دخلت باكارا وقالت له: أهذا أنت يا سيدي الفيكونت؟

فضحك أندريا ضحكا عاليا وقال لها: لست بسيدك الفيكونت، بل أنا السير فيليام الذي عرفته من قبل.

فنظرت إليه باكارا باحتقار وقالت له: إني أعرف أن تلك التوبة لم تكن غير كاذبة، وأن نار انتقامك كانت كامنة تحت رماد الغش والتدليس، ثم إني أعلم أن هذا الرجل بل هذا الوحش الضاري الذي أحبطت جميع مساعيه الشريرة وأمانيه الأثيمة يكرهني إلى أن يتمنى لي الموت. - لقد أصبت أيها العزيزة، فإن جميع الذي لفظت به حق لا ريب فيه . - وإني أعلم أيضا أنه اختطف تلك الفتاة التي كنت أربيها في منزلي، وكان يحبها حب الفجار الفاسقين. - إنها جميلة هذه الفتاة، وإن مدام فيبار ستربيها في باريس بدلا منك.

فقال له ربان السفينة الذي كان يسمع الحديث: لقد أخطأت يا حضرة السير فيليام؛ لأن الفتاة ليست في باريس بل هي في سفينتي.

ونظرت باكارا إلى أندريا فرأته يصفر ويضطرب، فقالت له بلهجة الهازئ: لقد صدق المثل القائل إن لكل صارم نبوة، فلقد كنت رجلا لا يحتفل بالنظام الإنساني ولا يكترث للشرائع المقدسة، ولا قيمة لديه لحياة الناس، بل كنت تمشي إلى غايتك لا تلوي عنها مشي الظل الزاحف، فما كنت تجد في سبيلك حجر عثرة تصدك عن قصدك، غير أن الله نظر إلى شرك وأراد أن يوقفك عند حد في آثامك، فوضع نصب عينيك هذه الفتاة التي كان يضطرب لها فؤادك على خلوه من عواطف الإنسان.

فضحك أندريا أيضا وقال للربان: إذا كانت الفتاة هنا، فلماذا لا تحضرها لي لنسمع حديثها بدلا من حديث هذه المرأة؟

فأجاب: ها أنا ذاهب لإحضارها.

ولما خلا أندريا بباكارا قال لها: لقد خسرت بمسألة فرناند خمسة ملايين، ولو لم أتمكن من الفرار لكنت قتلتك. - كان ينبغي أن تقتل. - ربما، ولكني لم أجد بدا من مكافأتك، فلقد أعددت لك جزاء غريبا، أتعلمين ما هو؟

وردت باكارا دون اكتراث: كلا، فما هو؟ - إنك الآن في سفينة تدعى فولر، ربانها من رجالي وستسير هذه السفينة اليوم إلى اوسيانيكا، أما جزاؤك فهو أني أمرت هذا الربان أن يلقي بك في إحدى جزر القبائل المتوحشة، حيث يصنعون كل يوم وليمة على قطعة من جسدك الترف الناعم.

صفحة غير معروفة