في العقيدة النصيرية تأليف علي بن عيسى الجسري ت (340 ه/951م) تقديم وتحقيق رواء جمال علي
صفحة ١
============================================================
01 رسالة التوحيد علي بن عيسى الجسري
صفحة ٢
============================================================
علي الجسري ه ث
صفحة ٣
============================================================
51 رسالة التوحيد.
المقدمة تشكل رسالة التوحيد أحد المصادر الأولى للعقيدة النصيرية فقد كتبها صاحبها علي الحسرى في مرحلة التأسيس للعقيدة النصيرية في القرن الرابع الهجري لذا اعتبرت هذه الرسالة إلى جانب المؤلفات الأخرى التي دونت في القرن الرابع و الخامس المجريين من المصادر الأولى للعقيدة النصيرية.
و يعتبر صاحب هذه الرسالة على بن عيسى الجسرى واحد من الشخصيات المؤسسة للعقيدة النصيرية و يأخذ أهميته من كونه احد مريدى الحسين بن حمدان الخصيى و ممن تلقى عنه العلم الباطني مباشرة دون واسطة، كما انه كان خليفة الخصيي في زعامة النصيريين في العراق وله نفس القيمة التي يتمتع بما محمد بن على الجلى خليفة الخصيي في الشام.
لم يقم احد فيما سلف في تحقيق رسالة التوحيد و نشرها لذا بقيت طى الكتمان ضمن مجموعة المخطوطات النصيرية في المكتبة الفرنسية الوطنية. ولقد حاولنا جاهدين آن نعثر على نسخة من رسالة التوحيد غير تلك الموجودة في مكتبة باريس لنقارها بما وصولا إلى أفضل قدر من العلمية والموضوعية قبل نشر هذه الرسالة لكننا لم نفلح حتى تاريخ كتابة
صفحة ٤
============================================================
51 علي الجسري هذه السطور في العثور على نسخة ثانية منها لذا قررتا أن ننشر هذه الرسالة من نسخة واحدة يتيمة هى المتاحة حاليا مفضلين وضع هذه الرسالة بين أيدي المهتمين بدل أن تبقى طى الكتمان على أمل أن نظفر في مقبل الأيام بنسخة أخرى تصلح للمقارنة و توئيق وضبط هذه الرسالة.
و الله ولي العون التوفيق الاربعاء 30 نيسان 2014
صفحة ٥
============================================================
51 رسالة التوحيد.
مدخل تاريخى تعتبر العقيدة النصيرية (العلوية) احدي مراحل تطور الفكر الباطني الذي مازج ما بين نظرية التشيع و مقالات الشيعة من جهة و بين ديانات الفرس القلعة (الزرادشتية و المانوية...) التي كانت سائدة قبل الإسلام من جهة أخرى، وقد تحقق هذا التمازج و التلاقح خلال الفترة التي أعقبت سقوط الدولة الأموية عام 132 ه و قيام الدولة العباسية وما أتاحته للعناصر الأجنبية - غير العرية من التوغل في المجتمع الإسلامي سياسيا وعسكريا واقتصاديا وفكريا خاصة في العراق مهد التشيع والرفض فقد كان الموالي (الأعاجم) هم العنصر الذي اعتمد عليه العباسيون في ثورتم على الأمويين و اسقاط حكم بني آمية، ثم أصبحوا تبعا لذلك جزء من الجهاز الإدارى للدولة العباسية و صار لهم وجود سياسي و عسكري و فكري في حاضرة الخلافة التى تحولت من الشام إلى العراق على مقربة من بلاد فارس.
خلال الدور العباسى الأول (132 - 232 ه) تمثل حضور الفكر الفارسي من خلال ما اصطلح على تسميته وقتها باسم الحركة الشعوبية وهي نزعة عنصرية فارسية
صفحة ٦
============================================================
51 على الجسري.
تتقص من شأن العرب و لا ترى فضلا لهم و قد تمثلت هذه النزعة المعادية اللعرب في بحالات عدة ففي السياسة كانت محاولات البرامكة الفرس للسيطرة على الخلافة زمن هارون الرشيد، ثم كانت حرب الأخوين الأمين و المأمون التي كانت اصطفافا عرقيا شعوبيا فساند الفرس المأمون إزاء العرب الذين ساتدوا الأمين... و في الأدب كانت أشعار أبي نواس و بشار بن برد... التي لم تخفى عنصريتها الفارسية تحاه العرب والإسلام كقول بشار بن برد في مدح النار: الأرض مظلمة والتار مشرقة والنار معبودة مذ كانت النار و هجاء أبي نواس للعرب بقوله: قالوا ذكؤت ديار الحي من أسد لا در درك قل لي من بنو أسد و من ميم، ومن قيس واخوتهم، ليس الأعاريب عند اللو من أخد
صفحة ٧
============================================================
5 رسالة التوحيد.
أما في الجانب الديني فقد ظهرت الشعوبية فيما عرف في مطلع العصر العباسي باسم ( الزندقة) و هو مصطلح أطلق على كل من تشبه بالفرس في العادات و التقاليد و المعتقد. والزنادقة هم: كل من اظهر اعتناق الإسلام و اعتقد في باطنه غير الإسلام. و ق صد بالمصطلح بشكل خاص أولئك الذين اظهروا اعتناق الإسلام من الفرس و بقوا على دين المانوية، وسموا زنادقة اشتقاقا من اسم (زند) و هو كتاب المانوية المقدس. و كانت أولى حركات الزندقة قد ظهرت مع بداية حكم أبي جعفر المنصور (خلافته بين 137- 156 ه)، ففي عام 141 ه ظهرت حركة دعيت بالراوندية أعلن أتباعها إلهية الخليفة أبى جعفر المنصور وقالوا انه هو رهم الذي يطعمهم و يسقيهم ثم تحولت الدعوة إلى ثورة كادت تطيح بحكم أبي جعفر المنصور وتم القضاء عليهم. كذلك في عهد أبي جعفر ظهر أبو الخطاب محمد بن آبي زينب في الكوفة و نادى بالهية جعفر الصادق ثم بالحية نفسه فقتل على أثرها مع جمع كبير من أصحابه. وابتداء من خلافة المهدي بن ابي جعفر المنصور عام 158 ه، أعلنت الدولة بشكل رسمي حرها على الزندقة فنالت الحركة نصيبها من البطش و التصفية بعد أن اخذ آتباعها بالمجاهرة بمعتقدهم المستمد من المانوية: ديانة فارسية حلولت التوفيق بين التيانت الثلاث التى سادت الإمبر اطورية الفارمية و هي المجوسية (الزراشتية) والمسيحية و البوذية تتتسب إلى شخص يدعى (ماى) المولود في ببل عام215م. ادعى النبوة و آن الوحى نزل طيه وله اتجيل شبيه بلجيل النصارى. أخنت المانوية من المجوسية مبدا الثنوية فقالت إن العلم قيم وجاء من أصلين اثنين هما النور و الظلام.
و أخذت من المسيحية مبدا الخلاص. وأخذت من البونية الزهد و التقشف و جمعت بينها كلها في بين واحد اسمه الملتوية نصبة لمانى.
صفحة ٨
============================================================
51 علي الجسري.
ديانات الفرس القدعة (المانوية، الزرادشتية1.) فسقطت رؤوس كبيرة أيام المهدى أشهرهم ابن المقفع وبشار بن برد... أدت ردة الفعل السياسية التي قابل جما العباسيون حركة الزندقة في الدور الأول العباسى إلى انكفاء الزنادقة على أنفسهم وتغيير الأسلوب و الطريقة، فبدل الججاهرة بمعتقدهم علانية، استخدموا التشيع قناعا و حجابا، فاندسوا به و أصبغوا على زندقتهم صبغة شرعية شيعية بربطهم لمعتقداتحم بال البيت و من اليسون أئمة من نسل الحسين بن علي بن آبي طالب - رضي الله عنهما-. و من هذا الخليط: التشيع - الزندقة، تولدت الحركات الباطنية تباعا، و انشطرت فرقا، و لم تكن تلك الفرق تملك خاصية الاستمرار بل كان معظمها سرعان ما يظهر ثم يندثر موت المنظرين لها دون أن تموت الفكرة الباطنية.
و خلال الفترة بين ظهور الأفكار الباطنية الأولى المتمثلة بمقالة عبد الله بن سبأ (كان حيا عام 34 ه) و آتباعه في أواخر خلافة عثمان بن عفان (24 - 35ه) و حتى ايام جعفر الصادق بن محمد (ت حوالي 148 ه / 765 م) قامت عشرات الفرق الباطنية واندثرت أسماؤها لكن بقيت أفكارها التي تمثل عقائد الباطنيين من مثل (تأليه الأفراد، القول بالتناسخ و إنكار البعث، استباحة المحارم 000)، و اعتبارا من آيام جعفر الصادق بدأت مرحلة فاصلة في الفكر الباطني تمثلت بنشوء فرق امتلكت خاصية الزرانشتية (المجوسية) هى أكم الديانات الفارسية، تتتسب لزر ادشت الذى يعتبر نبيأ عند اتباعه و تقول ان للعلم خلق واحد هو اهور امزدا و هو يرمز للنور و الطهارة، و يقوم بلزاعه اهريمان الذى يمثل الشر والظلام تقدس الزرانشتية النار والشمس. وكتابها المقس هو (الابمتق).
يؤمن الزر ادشتيون بالبعث و الحساب و الجنة و النار. و لا يزال لهم وجود كاتقلية دينية فى ايران.
صفحة ٩
============================================================
51 رسالة التوحيد.
الاستمرار والبقاء بفعل أشخاص تعاقبوا على قيادة تلك الفرق و التنظير لها، وتعتبر الفرقة الخطابية المنسوية لأبي الخطاب محمد بن آبي زينب الذي عاش زمن جعفر و كان على صلة به، هي الفرقة التي شكلت الأساس للفرق الباطنية التي استمرت إلى يومنا و هي (النصيرية ومنها خرجت فرقة المرشدية، والاسماعيلية و منها خرجت فرقة الدروز )" فبعد مقتل آبي الخطاب زمن آبي جعفر المنصور بتهمة الزندقة لقوله بالهية جعفر الصادق جهرا ثم منادته بإلهية نفسه في الكوفة، تفرق أتباعه فظهر تياران في الباطنية، تيار تبع ميمون القداح احد أتباع أبي الخطاب و عرف هذا التيار بعد قرن من الزمن باسم الاسماعيلية منسوبا إلى إسماعيل بن جعفر الصادق. وتيار آخر تبع المفضل بن عمر الجعفى احد أتباع آبي الخطاب و عرف هذا التيار بعد نحو قرن باسم النميرية نسبة النميري محمد بن نصير (ت حوالي 270 ه) الفارسى مولى بني غير، ثم صاروا يسمون بعد القرن الرابع المحجرى صراحة باسم النصيرية .
يعتبر ابن نصير أهم شخصية في تاريخ العقيدة النصيرية لذلك نسبت له، و كان ابن تصير بحسب ادعاء النصيريين هو الباب الأخير لآخر إمام شيعى (الحسن العسكرى) و بعد موت الإمام احتجب خليفته محمد بن الحسن العسكرى في سرداب سامراء كما تقول عموم الشيعة و بدأ عصر الغيبة من عام 260 ه، أما النصيرية فتقول: إن محمد بن نصير كان باب الإمام، و عندما غاب الإمام الأخير الذي له مرتبة الاسم الذاتي، انتقلت مرتبة الاسمية إلى ابن نصير وقام ابن نصير بابا و اسما. و الباب في
صفحة ١٠
============================================================
5 علي الجسري العقيدة النصيرية هو ثالث الثلاثة (المعنى، الاسم، الباب) و الباب هو جبريل، و الاسم هو النبي والرسول في الظاهر، وفي الباطن هو الله خالق كل شيء. فعليه قام ابن نضير برتبة جبريل والرسول في آن واحد، وهو ما يسى في مصطلحات العقيدة النصيرية (ظهور المزاج) ويعني: (تمازج الاسم بالباب)، و قد تبع ابن نصير بعد غيبة الإمام محمد بن الحسن العسكري خلق من الباطنيين في ادعائه، ورفض آخرون دعواه و تبعوا اسحق بن محمد الأحمر وهم المسمون بالإسحاقية بعد ابن نصير ورث قيادة الطائفة شخص اسمه (محد بن جندب) و هو شخصية مجهولة في كتب التراحم و الرجال لكن له مرتبة مقدسة في العقيدة النصيرية فهو كبير الأيتام (الملائكة) ويأت رابعا في الأهمية بعد المعنى والاسم والباب جاء بعد ابن جندب في زعامة الفرقة محمد بن جنان الجنبلانى(287 235 ه) و يسمى آحيانا عبد الله . و خلال هذا العصر كانت الفرقة مازالت تسمى (النميرية) ال سبه للنيري ابن نصير من جهة و لكون جل آتباعها و مريدي ابن نصير هم من بني ير.
ويعتبر الحسين بن حمدان الخصيى (260- 357 ه)- تلميذ الجنبلانى و خليفته في الزعامة الدينية للنصيريين - هو اكثر الشخصيات النصيرية تأثيرا في الفكر الديني النضيري و إليه يتسب تأصيل العقيدة النصيرية ومن خلاله انتشرت و توسعت قاعدتحا
صفحة ١١
============================================================
51 رسالة التوحيد.
فقد آقام في بده حياته في العراق فسجن بسبب اعتقاده، و هرب بعد حين من سجنه و قصد الشام و أقام فيها زمنا حتى تغيرت الأوضاع السياسية في العراق بعد سيطرة البويهين الشيعة على شوون الخلافة بشخص عضد الدولة البويهى (ت 372 ه)..
فعاد الخصيى إلى العراق ولبث فيها زمنا رتب فيه آمور الدعوة و الدعاة ثم عاد بعد حين من إقامته في العراق إلى بلاط سيف الدولة الحمداني في الشام و بقي هناك حتى مات و دفن في حلب في مكان يعرف هناك اليوم باسم (الشيخ يبرق) خلال وجود الخصيى في العراق والشام قام بتجنيد الدعاة وتنظيم الدعوة في كل منطقة من خلال تلامذته ومريديه الذين زاد عددهم عن الخمسين بحسب المصادر النصيرية، و توزعوا على ثلاثة مراكز هي : العراق، والشام ، و حران. وقام على شوون كل مركز واحد من خيرة تلامذته كان يعتبر خليفة له في إدارة شوون الدعوة والمريدين، ففي الشام و بعد موت الخصيى خلفه في الزعامة الدينية في حلب محمد بن على الجلى (ت بعد 384 ه/ 694 م) و في العراق خلف الخصييى بعد أن رحل عنها إلى الشام في رحلته الثانية تلميذه (على بن عيسى الجسري) ت حوالي 340 ه، و على الجسري هذا هو صاحب المخطوط الذى سنقدمه في هذا الكتاب.
صفحة ١٢
============================================================
51 علي الجسري.
مقدمة فى العقيدة النصيرية تعتبر العقيدة النصيرية وريثة المعتقدات الباطنية وتشكل مع الإسماعيلية غاية ما وصل إليه الفكر الباطني من تطور. و النصيرية هي اقرب لان تكون دين قائم بذاته من كونها طائفة شيعية غالية فهي لها تصوراتحا الخاصة في الله والرسل والملائكة الخلق والموت و البعث والقيامة.... كما لها أركافا الخاصة في العبادات والمعاملات و سائر الأمور الاعتيادية والحياتية. ولئن كانت النصيرية قد اعتمدت نفس المصبطلحات الإسلامية في العقيدة والعبادات فان ذلك لا يجعل منها إسلامية لان مفهومها وتعريفها لتلك المصطلحات مختلف ومغاير لما هو عند المسلمين. كذلك فان وجود بعض الأفكار و العقائد و الطقوس المسيحية أو اليهودية في العقيدة النصيرية لا يجعل منها مسيحية أو يهودية.
تقوم فكرة الإلوهية في العقيدة النصيرية على ثالوث كثالوث النصسارى لكنه غير متحد في واحد كما هو شأن الثالوث المسيحى (الأب و الابن والروح القدس) بل هو ثالوث مترابط من غير اتحاد، و منفصل بعضه عن بعض من غير ابتعاد، فيميزون بين ثلاثة هم: المعنى والاسم والباب.
صفحة ١٣
============================================================
5 رسالة التوحيد.
المعنى: هو الذات الإلهية المحتجبة التي لا تسمى باسم ولا توصف بوصف فهي متنعة عن النعوت و الصفات، و أشير إليها باسم المعنى لان المعنى يطلق على ما لا يدرك حقيقته والذات الإلهية هي مما لا يدرك حقيقته لاستحالة معاينتها.
الاسم: هو نور منبثق من نور الذات، أوجدته الذات و جعلته المعبر عنها و المؤدي عنها ال و موقع أسمائها وصفاتها فهو العقل الأول و الكون الذي يحوى كل شيء: و سمي اسم لأنه اسم دال على الذات، فهو الله و هو الرحمن و الخالق والمصور.. و من أسمائه أيضا: الحجاب. وسمي حجابا لان الذات الإلهية احتجبت خلفه.
الباب: بعد آن أوجدت الذات الالهية اسمها وحجاها من نور نورها. قام الاسم وخلق اال من نور نوره الباب فجعله أصل الخلائق كلها ومنه ظهر الوجود و قد يسمى أحيانا باسم (النفس الكلية).
و تفصيل ذلك كما تعتقد النصيرية هو: انه في البدء كانت الذات الإلهية و لم يكن معها احد و لم يكن غيرها ، وهنا لم يكن لتلك الذات اسما أو صفة لعدم الحاجة أن تسمى نفسها أو تصفها لنفسها، فلما شاءت الذات الالهية أن تخلق الخلق احتاجت حينها لاسم لها وصفة لتوصف با ليعرفها المخلوقون بأسماء وصفات، و ما أن الذات الإلهية هي قلعة بلا بداية و غيب لا يعلمها احد فلم يكن من الممكن للمخلوقين أن يشاهدوا الذات الخالقة لان الخالق قلتم
صفحة ١٤
============================================================
51 علي الجسري أزل، و المخلوق محدث فكيف للمخلوق الحدث أن يعاين الخالق المحدث؟ انه يستحيل للمخلوق آن يرى الخالق لاختلاف طبيعة كل منهما، ولاستحالة معاينة المخلوقين خالقهم و لحاجة المخلوقين أن يعرفوا خالقهم ليعبدوه عن علم به و معرفة فان الذات الالهية اخترعت من نورها نورا لا حد له فجعلته حجاها و جعلته موضع آسمائها ونحلته صفاتحا، و بجذا الحجاب ظهرت الذات الإطهية للمخلوقين عندما كانوا مخلوقات نورانية بأبدان من نور فشاهدوها وعاينوها من خلال ذلك الحجاب، فظهرت لأهل كل سماء ججاب نورانى من جنسهم تأنيسا لهم و تعريفا بنفسها لهم ليعبدوا خالقهم حق عبادته، فكانت أسماء الله التي عرفها المخلوقون و سكوا جا خالقهم واقعة على ذلك الحجاب الذي اتخذه الله و ليس على ذاته التى هي غيب مطلق لا يعلمه احد.
عندما شاءت الذات الإلهية أن تحبط الخلق إلى الأرض وجعلت أرواحهم في هياكل بشرية من لحم ودم خلقتها لهم من التراب و صار لهم أشكالا من مثلى و مثلك ظهرت يهم بجاب من جنسهم، حجابا بشريا من طين كمثلهم، هذا الحجاب هو حجاب ادم و جذا الحجاب خاطب الله خلقه في الأرض، إن ادم ليس رجلا و ليس بشرا جاء م نه بنو البشر بل هو الطبيعة التى تشكل حا الحجاب الذي احتجبت به الذات الإلهية و ظهرت بجنس بني ادم، و بنو ادم لا تعني آيناء رجل بل آبناء الأدم أو الأم و هو الأرض التي خلق منها الله هياكل بني البشر واسكن فيها الخلق النورانيين الذين أوجدهم في البدء قبل أن يهبطهم إلى الأرض بسبب إنكارهم و شكهم في الله، فظهر حجاب الله
صفحة ١٥
============================================================
5 رسالة التوحيد.
في البشر بشكل الآدميين بصورهم، و لم تكن تلك الصورة سوى خيال يراها الراعون دون أن تكون لها طبيعة مادية، فكان ادم و نوح و ابراهيم و موسى بن عمران و عيسى بن مرث و محد بن عبد الله ... هي صور شتى لشيء واحد هو الحجاب ذلك النور الذي اخترعته الذات من تلألو نورها في الأزل، ظهر في عالم البشر بصورهم في أشخاص أولئك الأنبياء كما يراهم أهل الظاهر، أما عند أهل الباطن فان هذه الصور هي المظهر المؤدى عن الله والواسطة المباشرة بين الخالق والمخلوق بصورهم، هذه الواسطة هي اسم الله، هذا الاسم و إن اختلفت الصورة المرئية منه فهو أصل واحد في كمل ظهوراته بين البشر، انه النور الذى انحله الله أسماءه و صفاته و هو محمد بن عبد الله في الظهور البشري، فادم و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى... و كذلك سائر الأثمة اال من الحسن وحتى محمد بن الحسن العسكري هم صور شتى مختلفة لاسم الله الذي هو حد و هر فاطة وهو الحسن والحسين000 لم يقتصر ظهور الذات الإلهية للخلق من خلال اسمها ( حجابجا فقط بل ظهرت لهم أيضا بالمعاني، والمعنى هو صورة من جنس البشر ظهرت جما الذات ظهورا ذاتيا (بذاتحا )فتصورت بينهم بذاحا كمثلهم سبع مرات أولها صورة هابيل و آخرها علي بن آبي طالب . إن هابيل في زمن ادم و شيث في زمن نوح و شمعون في زمن عيسى بن مرع و علي بن آبي طالب في زمن محمد.. هي ظظهورات ذاتية للمعنى و هي صور متعددة لأصل واحد ظهر بصورة البشر هو الذات الإلهية متمثلة في خلقها. و حتى بعد انقضاء
صفحة ١٦
============================================================
5 علي الجسري الظهورات الذاتية ظهر المعنى ظهورات مثلية في صور الأئمة العشرة من الحسن بن علي و حتى الحسن العسكرى. و الفرق بين الظهور الذاتي و المثلى أن الصورة الظاهرة في الظهور الذاتي هي صورة خاصة للمعنى بذاته، أما في الظهور المثلى فان المعنى يزيل الاسم و يظهر بصورته فيكون في ظاهر الأمر إماما و في باطنه إلها. و لم يعلم حقيقة الظهورات تلك إلا المؤمنون من أهل الباطن (النصيريون)، أما أهل الظاهر فلم يروا من الموضوع سوى نبيا من البشر يدعوا لله، أما أهل الباطن فقد عاينوا المعنى و الاسم و الباب و شاهدوهم فامن أهل الإعان أهل الباطن وجحد أهل الجحود أهل الظاهر .
إن الحجاب ( الاسم الذي اخترعته الذات قام بدوره بعد أن أوجدته الذات الإلهية فاخترع من نوره نورا جعله بابا إليه و أوكل إليه خلق هذا الكون و جعل الوصول إلى الله من خلاله و عن طريقه، و لا باب للوصول إلى الله إلا من خلاله، فالمؤمن من أهل الباطن (الحقيقة) لا يكون لعانه صحيحا إلا بان يدخل من هذا الباب ساجدا للاسم قاصدا للمعنى، فالباب هو أصل المعرفة ومصدرها و منه مدد كل المراتب القدسية السماوية والأرضية والكل منه ، و في الظهور الكلى الكامل يظهر المعنى و معه اسمه و ال بابه و كلهم يظهر بصور بشرية في كل قبة، و كما كان للمعنى والاسم ظهورات بشرية كالتي ذكرناها سابقا فان الباب له ظهورات كمثلها، و كان في آخر ظلهور كلي في القبة الهاشمية متمثلا بصورة سلمان الفارسى، ثم كانت له ظهورات متتابعة في صور
صفحة ١٧
============================================================
5 رسالة التوحيد.
أبواب الأئمة كان آخرها في صورة محمد بن نصير رأس العقيدة النصيرية و مؤسسها الفعلي: يطلق على صورة الظهور البشرى للذات الإلهية في شخص بشري: (المعنى)، و هذا الظهور و إن اختلفت الصورة عبر الأدوار و القباب فالمقصود هو على بن أبي طالب، و ال يرمز للمعنى في المصطلح الديني النصيرى بالحرف الأبحدي ع (العين)، و هو الحرف الأول من اسم على، أما الاسم فيرمزون له بالحرف الأبجدي م (الميم) الحرف الأول من اسم محمد، ويرمزون للباب بالحرف س (سين) الحرف الأول من اسم سلمان، و جعوهم مصطلحا واحد هو (عمس)و يلفظونا آحرفا مقطعة، عم س، و هذا الثالوث الحرفي هو عقد عمس، شهادة الإعان عند النصيريين، ويعادل نطقه ما يعادل عند المسلمين من شهادة التوحيد، و ما عند النصارى من شهادة التثليث (الأب، الابن ، الروح القدس): إن الثالوث النصيري سالف الذكر ليس متساويا بل بعضه يؤدي إلى بعض، فالاسم ليس ال مساويا للمعنى، كذلك فان الباب ليس مساويا للاسم، لكن الثلاثة مترابطين وفق علاقة تراتبية، فالإعان يكون بالدخول من الباب، والسجود يكون للاسم، ومقصد العبادة ال يكون للمعنى أو كما يصفها النصيريون بقولهم: (الدخول من الباب ساجدا للاسم قاصدا المعنى). و من أنكر واحدا من الثلاثة أو ساوى بينهم فقد خرج عن حد التوحيد وصار كافرا. وهذا ما وقع به إيليس عندما رفض السجود للحجاب عندما تصور الله بصورة ادم
صفحة ١٨
============================================================
51 علي الجسري و أمر الخلق بالسجود فسجد المؤمنون و رفض إبليس السجود وقال لا اسجد لآدم بل لله ظانا أن ادم هو مخلوق فحقت عليه اللعنة و الطرد فهبط مع جملة من توقف أو شك مثل إبليس مرتبة الضد لله و هو في الأرض ظاهر في التراكيب البشرية بشرا كسائر البشر لكن معرفته الحقيقية باطنة وهو يتمثل في صورة البشر بشكل دائم و مستمر و يقوم بازاء الذات الإلهية و له باب و أيتام يتبعونه، فعندما تمثل المعنى بصورة على بن أبي طالب كان الضد ظاهرا بصورة عمر بن الخطاب، و بابه هو أبو بكر الصديق، وكبير آيتامه هو عثان بن عفان أما مفهوم الملائكة في العقيدة النصيرية فانحم خمسة ألاف يظهرون بظهور المعنى في الأرض ويغيبون بغيبته، و هولاء الخمسة الاف هم صفوة المؤمنين الذين لم يشكوا أو يرتابوا بحقيقة الله عندما كان الخلق نورانيا، فان الله لما خلق الخلق الأول خلقهم نورانيين لا يأكلون ولا يشربون... ثم امتحنهم بسوالهم بعد أن اظهر لهم العلم و القدرة، فقال لهم: من ربكم؟ فالذين سارعوا إلى الإحابة و إثبات الريوبية جعلهم في مراتب سماوية على حسب العاغم و هولاء هم الملائكة الخمسة ألاف. أما من شك و ارتاب و تردد في الإجابة فقد هبط إلى الأرض وصار من البشر. ويقوم على رأس الملائكة خمسة من الملائكة هم أفضلهم يسمون (الأيتام الخمسة) لان الباب سلمان هو من خلقهم ومنه يأخذون المدد، وهم: المقداد بن الأسود، و أبو ذر الغفاري، و عبد الله بن رواحة، و
صفحة ١٩
============================================================
5 رسالة التوحيد.
عثمان بن مظعون، وقنبر بن كادان، في الظهور البشرى الأخير مع المعنى علي بن أبي طالب، و أفضل أولئك الخمسة هو المقداد و هو كبير الأيتام. و هولاء الأيتام هم من يسير الكون و يديره. وقد ظهر الملائكة و منهم الأيتام مع المعنى في كل قبة ظهر بها و أسماؤهم وصورهم في كل قبة مختلفة عما سبقها من قباب أو لحقها.
إن الخلق الذين توقفوا عن الإجابة عندما سألهم الله عن نفسه هم من جعل أرواحهم في هياكل بشرية و أنزلهم إلى الأرض ليمتحنهم فإذا صفوا وأيقنوا وحسن لعانخم ردهم إلى ال منازلهم الأولى مخلوقات نورانية كما كان حالهم في الأصل الأول. وقد قدر الله عليهم أن يعيشوا سبعة ادوار في الأرض يتناسخون خلالها سبع مرات، هوتون و يعيشون ثم عوتون ويعيشون... سبع مرات، فان أحسنوا الاعتقاد و ارتقوا في الإعان ردهم إلى أصلهم الأول، و إن اساؤوا و بقوا على شكهم و ازدادوا كفرا ردهم في مراتب المسوخية فيمسخون حيوانات و آحجارا و حديدا و ما دون ذلك بحسب كفرهم.
إن ازدياد معرفة المؤمن في حياته الدنيا وتدرجه في المعرفة وصولا للخلاص هو في باطن الأمر الجنة الموعودة في القران، فالجنة النصيرية ليست هي ذات الأشجار و الأنخار و الحور العين ... بل هي الخلاص من الهياكل البشرية والعودة إلى الأصل النوراني الذي كانوا عليه قبل أن يهبطوا إلى الأرض كذلك فان التدرج في المسوخية هو العناب الموعود فجهنم التي ذكرت في القران هي مراتب المسوخية
صفحة ٢٠