رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس
تصانيف
فصل
حضرت مجلسا حضره المعتزلة والمجبرة فقال بعض المجبرة: أنزل الله تعالى القرآن بعضه متشابها ليضل الناس عن الدين، ولو أراد هديهم لأنزله محكما. فقال المعتزلي: كذبت بل أنزله الله كذلك ليدبروا آياته وليعلموا الحق ويميزوا المحكم ويردوا إليه المتشابه ليستحقوا الثواب، كما وصفهم بأنهم الراسخون في العلم وكيف يقال هذا والله تعالى يقول: { تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة } وقال: { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} فبهت.
وسئل مجبر: ما تقول، القرآن مخلوق؟
قال: لا.
قال: لم؟
قال: لأنه لو كان مخلوقا لكان ابن عم الخليفة، لأنهما عربيان مخلوقان.
قال: فقل قصيدة امريء القيس بنت عم الخليفة.
فانقطع.
قيل لأبي مجالد: أأنت تقول القرآن مخلوق؟.
قال: لا.
فقيل: أتقول إنه خالق؟.
قال: هو شر.
قال: فإذا كان لا خالق ولا مخلوق فكيف تقول ؟.
وقيل لمعتزلي: ما تقول في القرآن؟.
قال: لا اعرف غير شيئين خالق ومخلوق، فانظروا أيهما هو.
ودخل أحمد بن حنبل على بعض الولاة تشبه بمصاب.
فقال: ما بالك؟.
فقال: وقعت مصيبة عظيمة!
قال: وما هي؟
قال: مات القرآن!
قال: كيف وكيف؟
قال: إذا كان مخلوقا جاز أن يموت.
قال: ليس هو حيا حتى يموت إنما هو كلام.
فانقطع.
وقيل لمجبر: القرآن معجز؟
قال: نعم.
قال: فمن شرط المعجز أن يكون عقيب الدعوى ويختص بالمدعي، والقديم لا يختص. فسكت
وسأل عدلي مجبرا: هل يقدر الله أن يكلم أحدا؟
فقال: لا، لأن الكلام ليس بمقدور له.
فقال: هو أضعف من العباد؟
فقال: بل هو أقدر.
فقال: قد قلت: إن الكلام مقدور.
فانقطع.
وحكى بعض مشايخ المجبرة أن إبراهيم الخواص رأى رجلا مصروعا فأذن في أذنه، فناداه الشيطان من جوفه: دعني أقتله فإنه يقول القرآن مخلوق.
فقال معتزلي: إن كان الشيطان يقدر على القتل فهلا قتل جماعة المعتزلة، ولكن الحمد لله حيث لم نوافق الشيطان ووافقتموه أنتم. فانقطع.
صفحة ٦٤