رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس
تصانيف
الباب السادس عشر في القتال
... اعلموا ياسادتي وإخواني أنه لما جرى بيننا مناظرات وجمعنا وإياهم مقامات، عجزنا عن المقال ودبرنا عليهم بالقتال، وقلت لمشايخي من مجبرة الجن : لقد أدركت مالم تدركوه وشاهدت مالم تشاهدوه، ولقد شهدت مقاتلة الملائكة مع الجن حتى أسرت ولبثت فيهم مالبثت، حتى خلق آدم وأمرت بالسجود فأبيت، وأخرجت من الجنة إلى الأرض فهبطت، وبيني وبين آدم وذريته من العداوة ماعلمتم ومن أمري وأمرهم ما رويتم. ثم شهدت قتل هابيل وأنا أحرض قابيل على قتله، وشهدت نوحا وأنا أمني ابنه، وشهدت عادا فدعوتهم فأجابوني وخالفوا رسولهم هودا ووافقوني، وشهدت ثمود فاتبعوني ونمرود وأشياعه فقبلوا مني وأنا لقنتهم : اقتلوا إبراهيم وحرقوه. وشهدت فرعون إذ جاءه موسى باليد والعصا ، وكنت مع السحرة إذا جاؤوا بالسحر حتى آمنوا بموسى، وكنت مع اليهود إذ هموا بقتل عيسى ومع قوم زكريا إذ قتلوا يحيى، وكنت القائل لإخوة يوسف : { اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم ... }. وكنت مع مشركي قريش في مقاماتهم وأنديتهم يدبرون في أمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم فشهدت دار الندوة حيث دبرنا في أمره وأنا أحثهم على قتله، وشهدت بدرا أحث الناس على قتاله، وشهدت أحدا حتى فعلنا مافعلنا برجاله، وشهدت مسيلمة أعينه على قتال أبي بكر والمسلمين وأمنيه حتى قال : أنا من جملة النبيين، وشهدت قتل عمر وأنا أحث على قتله على يد الفجار، وحرضت الناس على قتل عثمان يوم الدار ، وشهدت صفين وأنا في عسكر معاوية أدبر معه في أمر علي وأزين له قتل عمار، وجرى أمر النهروان وأنا بين أظهرهم وأحثهم على قتال علي عليه السلام، وشهدت [ ابن ملجم أحثه على قتل علي ، وشهدت ] كربلاء مع عمر بن سعد، وشهدت مقتل زيد وأنا في جملة هشام، ثم لم يكن موقف إلا شهدته ولا وقعة إلا حضرتها. فخذوا عني ودعوا المقال وتأهبوا للقتال!
صفحة ١١١