رسالة الغفران
الناشر
مطبعة (أمين هندية) بالموسكي (شارع المهدي بالأزبكية)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٢٥ هـ - ١٩٠٧ م
مكان النشر
مصر
وقد لهوت بمصقولٍ عوارضها ... بكرٍ تُنازعني كأسًا وعنقادا
ثمّ انقضى عصرها عنِّي وأعقبه ... عصر المشيب، فقل في صالح: بادا
فاستدللت على أنّها لك لمَّا قلت: تهبّادا، مصدر تهبَّد الظليم إذا أكل الهبيد، فقلت: هذا مثل قوله في القافيَّة:
طيف ابنة الحرِّ إذ كُنَّا نواصلها
ثمّ اجتننت بها بعد التِّفرّاق مصدر تفرَّقوا تفرّاقًا، وهذا مطَّردٌ في تفعَّل، وإن كان قليلًا في الشعر، كما قال أبو زبيدٍ:
فثار الزَّاجرون فزاد منهم ... تقرّابًا، وصادفه ضبيس
فلا يجيبه تأبَّط شرًا بطائلٍ.
فإذا رأى قلة الفوائد لديهم، تركهم في الشَّقاء السّرمد، وعمد لمحلِّه في الجنان، فيلقى آدم، ﵇، في الطّريق فيقول: يا أبانا، صلَّى الله عليك، قد روي لنا عنك شعرٌ: منه قولك:
نحن بنو الأرض وسكَّانها ... منها خُلقنا، وإليها نعود
والسَّعد لا يبقى لأصحابه ... والنَّحس تَّمحوه ليالي السُّعود
فيقول: إنَّ هذا القول حقُّ، وما نطقه إلاّ بعض الحكماء، ولكنِّي لم أسمع به حتى السّاعة.
فيقول: وفرّ الله قسمه في الثَّواب: فلعلَّك يا أبانا قُلته ثمَّ نسيت، فقد علمت أنَّ النِّسيان متسرّعٌ إليك، وحسبك شهيدًا على ذلك الآية المتلوَّة في فرقان محمَّدٍ، ﷺ: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزمًا " وقد زعم بعض العلماء أنّك إنّما سمِّيت إنسانًا لنسيانك، واحتجَّ على ذلك بقولهم في التَّصغير: أنيسيان، وفي الجمع: أناسيّ، وقد روي أنَّ الإنسان من النَّسيان عن ابن عبَّاس، وقال الطائيّ:
1 / 108