في العالم ، وناديت عليها كما ينادى على السلع.
1 - فاعلم يا أخي - وفقنا الله وإياك - أن خوفك المشغبين لا يكف عنك غرب أذاهم ، لو قدروا لك على مضرة ، وان كشفك الحق وصدعك به لا يقدم إليك مؤخرا عنك أتخشون الناس { فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } ( التوبة : 13 ) . يقول الواحد الأول خالقنا لا إله إلا هو { فلا تخافوهم وخافون } ( آل عمران : 175 ) .
2 - يا أخي : اجتهد لربك ، وادع إليه وخفه في الناس ، يكفك الله تعالى أمرهم ، ولا تخفهم فيه ، فيدعك وإياهم ، وأعوذ بالله ، قد سبق ، قد سبق القضاء بما هو كائن فلن يرده حيلة محتال ، وكائن بالموت قد نزل ، فتركت ( 1 ) من تداريهم مسرورين بذهابك ، لا ينفعونك بنافعة . واذكر قول نبيك محمد عليه السلام لعلي رضي الله عنه ( 2 ) ' لأن [ 91 / أ ] يهدي الله بهداك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ' .
3 - ولقد أضحكني قولك : إنك علمت من مذهبي أني أفصح بكل من قال مقالة ، فخشيت ان أفصح باسمك فيما لم تقله ، فمعاذ الله أن أفصح عنك أو عن غيرك ، إلا باليقين المحض ، وأما إذا علمت أن الأخ من إخواني يكره أن أفصح عنه بمقالة يقولها ، فهي مدفونة خلال الشغاف ، لا سبيل إلى تحريك لساني بها بيني وبين نفسي ، بحيث يمكن أن يسمعني سامع ، فكيف أن أبثها وأما أنا فلست أكره أن تبث عني ما أقوله على حسبه .
4 - وأما قولك : أما تقصد إلى ، إلى أن لا يؤثر عنك قول إلا حتى تستخير الله تعالى فيه كثيرا ، وتصحح نيتك في ذلك ، فحسن جدا وحال لا ينبغي لأحد تعديها ( 3 ) .
5 - وأما قولك : حتى إذا بلغت إلى حد الحسبة والصبر ، إن كانت محنة ، تناولت الأوكد فالأوكد ، فحالة أريد ألا تتصورها ولا تتمثلها فإنها مبخلة مجبنة ؛ وتذكر قول العامة : فلان يحب الشهادة والرجوع إلى البيت ؛ مع أني أرجو الكفاية من الله عز وجل والحماية ؛ واذكر قوله ووعده الصادق المضمون عندي إذ يقول
صفحة ١٨٨