27 - فتفكر يا أخي في نفسك : كيف كان إسلامك مذ بلغت مبلغ التكليف وتوجه إليك الخطاب من الله عز وجل ، عن استدلال كان منك من تلك الليلة فهذا بعيد جدا ، وإن كان استدلالا بعد ذلك فكيف تعرف نفسك بين بلوغك إلى وقت استدلالك ، أترى تلزم نفسك حكم الكفر معاذ الله من هذا .
28 - ثم أقول لك : الناس أربعة : فإنسان استدل فأداه استدالاله إلى حق مأجور مرتين . وآخر استدل وبحث ونظر ، فأداه ذلك إلى دهرية أو تبرهم أو منانية أو بعض أنواع الكفر ، فهذا كافر مخلد في النار إن مات على ذلك ، أو أداه إلى قول الأزارقة وأصحاب الأصلح أو بعض البدع المهلكة ، فهو فاسق ، وآخر قلد فاتفق له الحق فهو من أهل الحق ، وهكذا عوام أهل الإسلام كلهم ، وآخر قلد فأداه ذلك إلى الباطل ، فهو إما كافر وإما فاسق .
29 - وتثبت فيما قلت لك من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس كلهم ، فهو برهان ضروري منقول نقل الكواف ، لا يشك فيه مسلم موحد ولا ملحد في أنه عليه السلام لم ( 1 ) يقل لأحد دعاه إلى الإسلام : لا تسلم حتى تستدل . وهذه كتبه إلى كسرى وقيصر والملوك ، وذكر رسله إلى البلاد . ما في شيء منها ولا في بعوثه وغزواته إيجاب استدلال ، فإن جاز عندك أن يتفق الناس كلهم على كتمان هذا . فأعيذك بالله من أن يجوز هذا عندك .
30 - ثم اعلم يا أخي ن الفرقة المحدثة لهذه المقالة . فرقة أنت تدري أنها غير مرضية عند جميع أئمة الهدى قديما وحديثا . وأنهم مطعون عليهم في أديانهم مظنون ( 2 ) بهم السوء في اعتقادهم . وبرهان ذلك أنهم أجسر الناس على عظيمة تقشعر منها عند جميع الأمة مرذولين إلى أن يبلغ ( 3 ) إلى الذين لقينا منهم . ولقد قال لي بعض إخواني كلاما أقوله لك - قال : أسألك بالله هل بلغك أن أحدا أسلم على يدي متكلم من هؤلاء المتكلمين ، واهتدى على أيديهم من ظلالة . وهل أسلم من أسلم واهتدى من اهتدى إلا بالدعاء المجرد الذي مضى عليه السلف فوالله يا أخي ما وجدت لقوله جوابا ، بل ما وجدتهم أحدث الله تعالى على أيديهم إلا الفرقة والشتات والتخاذل وافتراق
صفحة ٢٠٠