وسلم ، وأما قولك فجائز لجميع الأمة تركه ولا إثم عليها في إغفاله ، فنعم هو كذلك ، وهذه صفة ما لم يأت به أمر من عند الله تعالى ، ولو ( 1 ) أن الأمة كلها التقت بالقبول وصحة العقد ، ولم يكن فيها منازع ولا كافر ، ما احتيج إلى الاستدلال ألبتة ، إذ لم يأت بإيجابه أمر من الله عز وجل ولا من رسوله صلى الله عليه وسلم .
22 - وأما قولك : إذا كان هذا ، أدى إلى أن جميع الشرائع بأيدينا دعوى ، وفي هذا ما لا يخفى ، فغن الله تعالى حض على الاستدلال كما قلنا ولم يفترضه ، وعلمنا إياه ولم يوجب تعلمه على أحد ، وأوجب علينا مناظرة المعاندين بالبراهين ؛ وأنا يا أخي لم أنكر هذا قط ، وغنما قلت إن من لم تنازعه نفسه إليه ، وأنس إلى اعتقاد صحة الإسلام والإقرار به فهو مسلم صحيح الإسلام عند الله تعالى ، وإن المعتقد لذلك ( 2 ) عن استدلال أفضل فألزمتني ما لم يلزمنيه قولي ( 3 ) .
23 - وأما قولك : فينظر فيما فرض الله تعالى من تدبر القرآن وما فيه من الدلائل . فتدبر القرآن فرض ، ومعنى تدبره فهم معاني ألفاظه . وكيف لا يكون فرضا وهو بيان ما افترض ، وقد تدبرناه ولله الحمد فلم نجد فيه فرض قبل الرسل ، وهذا قولنا والحمد لله ، وهنا انتهى قولك وما اقتضاه من جواب .
24 - ثم أنا أبتدئك بما يلزم بعضنا لبعض من بيان الحق وتعاطي البراهين ، فأقول لك وبالله تعالى التوفيق : قبل كل شيء أريد أن تنظر في كلامي بعين ( 4 ) سليمة من الأعراض ومن الاستحسان معا ، وبنفس بريئة من النفار والسكون معا ، لا ( 5 ) كما ينظر المرء بما
صفحة ١٩٨