الكتاب في جيبه ويمشي ويسوق الدابة من بغداد الى النجف، ويقول: ان صاحب الدابة لم يأذن لي في حمل هذا الكتاب على دابته (1).
والخبر بهذا التعبير قد يوهم تكرر الأمر مما يستبعد معه، ولكن معاصر السيد الجزائري وزميله في الدراسة: السيد محمد صالح الخاتونآبادي (ت 1116) صهر العلامة المجلسي، ذكر الخبر في كتابه «حدائق المقربين» فقال: «كان يخرج من النجف الأشرف إلى زيارة الكاظمين (عليهما السلام) على دابة الكراء، فاتفق أنه خرج في بعض أسفاره ولم يكن معه مكاري الدابة، فلما أراد أن يرجع من الكاظمين أعطاه بعض أهل بغداد رقيمة (رسالة) ليوصلها الى بعض أهل النجف، فأخذها وجعلها في جيبه، ولكنه لم يركب بعد على الدابة فكانت هي تمشي قدامه الى النجف، وكان يقول: أنا لم أؤذن من المكاري بحمل ثقل هذه الرقيمة (الرسالة).
قال: وحكوا أيضا: أنه كان إذا أراد الحركة إلى الحائر المقدس لأجل الزيارات المخصوصة كان يحتاط في صلاته بالجمع بين القصر والتمام ويقول: ان طلب العلم فريضة وزيارة الحسين (عليه السلام) سنة، فإذا زاحمت السنة الفريضة احتمل تعلق النهي عن ضد الفريضة بها وصيرورتها- من أجل ذلك- سفر معصية! مع أنه كان لا يدع في ذهابه وإيابه مطالعة الكتب والتفكر في مشكلات العلوم مهما استطاع (2).
وما نقله السيد الجزائري من بذل المترجم من عمامته الكبيرة أيضا نقله معاصره وزميله في الدراسة السيد الخاتونآبادي في «حدائق المقربين» بأدق مما نقله الجزائري وقدم له مقدمة قال فيها: وكان يأكل ويلبس ما يصل اليه بطريق الحلال رديا كان أم سنيا ويقول: المستفاد من الأحاديث الكثيرة وطريقة الجمع بين الأخبار: أن الله يجب أن يرى أثر ما ينعمه على عباده عند السعة، كما يجب الصبر على القناعة عند الضيق. فكان لا يرد من أحد شيئا، ومتى التمس أحد منه أن يلبس
صفحة ٧