رسالة لغوية عن الرتب والألقاب المصرية: لرجال الجيش والهيئات العلمية والقلمية منذ عهد أمير المؤمنين عمر الفاروق
تصانيف
رتب عليهم نقباء وعرفاء تكون مخاطبته معهم.
وأما في زماننا هذا، فإنه ترتيب حسن إذا استقر الحال على ما يذكر أن يكون الملك لجيشه أتابك أتم ما يكون في الشجاعة والكرم والمعرفة والنباهة والشهامة والبسطة والتجارب والدين والعفة والمكنة في العدة، ثم من بعده مقدمو الآلاف على كل ألف فارس مقدم كبير، ومعه مقدمون مفاردة، على كل خمسين فارسا مقدم مفردي، ومع المفردي خمسة مقدمين دونه، مع كل مقدم عشرة فرسان، وعلى الكل نقيب كبير وتحت يده نقباء رءوس نوب على الآلاف، فكل مقدم ألف معه نقيب ألف في خدمته، ومع النقيب نقباء صغار، على كل خمسين فارسا نقيب، فهذا أجمل وأحوط ما يكون من الترتيب.»
فعبارة المنهج المسلوك لا يستفاد منها سوى أن العرفاء في الجيش غير النقباء، وجعل صاحب سلوك المالك القائد رأسا لعشرة والرئيس لمائة، وطوى كشحا عما بعدهما إلى رب الجيش، وتابعه في القائد صاحب آثار الأول فجعله رأس عشرة أيضا في ترتيب الروم، وزاد العريف للمائة والنقيب للألف والأمير لعشرة آلاف، أما ترتيب زمانه الذي رآه أجمل وأحوط ما يكون، فالمقدم الكبير للألف، والمقدم المفردي للخمسين، والمقدم للعشرة، ويؤخذ من عبارته أن النقباء كانوا كالوكلاء للمقدمين، مع كل مقدم صغير أو كبير نقيب يناسبه.
ولما أقام أهل بغداد جندا من أنفسهم للدفاع عن الخليفة الأمين جعلوا على كل عشرة عريفا، وعلى كل عشرة عرفاء نقيبا، وعلى كل عشرة نقباء قائدا، وعلى كل عشرة قواد أميرا، كذا في مروج الذهب، وفي الكامل لابن الأثير: أن الجند الموالي لما أظهروا الطاعة للمهتدي العباسي سألوا أن ترد لهم رسومهم إلى ما كانت عليه أيام المستعين، وهو أن يكون على كل تسعة عريف، وعلى كل خمسين خليفة، وعلى كل مائة قائد.
وهكذا لو تتبعت عبارات غيرهم، وما يذكر عرضا في التواريخ تبين لك أن هذه الألقاب لم تكن على وتيرة واحدة، بل كثيرا ما كانت تتغير بتغير النظام والاصطلاح في الدول، فتارة يكون العريف على عشرة وفوقه المنكب، وتارة على عشرين أو ثلاثين، أو كما ذكر المقريزي على ثلاثة وأربعين أو ستين، أو على أكثر من ذلك عند غيره، وربما أطلقوا الخليفة على من كان رأس خمسين، أو سموه بالمقدم المفردي وجعلوا القائد لرأس مائة أو سموه نقيبا، والقائد للألف، والأمير لعشرة آلاف. •••
أما رتب كبار الأمراء في الجيش المصري، فقد كانت على ما يأتي مجموعا وملخصا من صبح الأعشى وخطط المقريزي وابن فضل الله وزبدة كشف الممالك لخليل الظاهري نائب الإسكندرية.
الطبقة الأولى:
أمراء المئين، ويقال لهم: مقدمو الألوف، وكانت عدة كل منهم مائة فارس، وربما زاد الواحد منهم العشرة والعشرين، وله التقدمة على ألف فارس ممن دونه من الأمراء، وهذه الطبقة هي أعلى مراتب الأمراء على تقارب درجاتهم، ومنهم يكون أكابر أرباب الوظائف والنواب، وكانوا أربعة وعشرين مقدما من مدة الناصر بن قلاوون إلى آخر دولة الأشراف شعبان بن حسين، ثم نقصوا في الدولة الظاهرية فصاروا بين عشرين وثمانية عشر مقدما في ذلك نائب الإسكندرية ونائب الوجه القبلي ومقره أسيوط، ونائب الوجه البحري ومقره دمنهور، ورأس النوبة وهو الحاكم على المماليك السلطانية والآخذ على أيديهم وأمير سلاح، وأميراخوار، والدودار ، وحاجب الحجاب ونائبه، وأميرجاندار وهو مثل رئيس التشريفات الآن، والاستدار، والجاشنكير، والخازندار، على ما استقر عليه الأمر أخيرا، وشاد الشرابخاناه يكون تارة مقدم ألف، وتارة أمير طبلخاناه.
فهذه المناصب كلها يولى عليها من يكون في هذه الرتبة، وفي زبدة كشف الممالك أن مقدم الألف يكون في خدمته مائة مملوك؛ ولهذا يسمى أمير مائة وتدق على بابه ثمانية أحمال طبلخاناه، وطبلان دهل، وزمران، وأربعة أنفرة، وللأتابك نظير ذلك مرتين، قال: ومن هؤلاء الأمراء من هو صاحب وظيفة ومن ليس له وظيفة.
الطبقة الثانية:
صفحة غير معروفة