وقال لأبي موسى الأشعري: )مررت بك البارحة وأنت تقرأ، فجعلت أستمع لقراءتك. فقال: لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا( أي لحسنته لك تحسينا. وكان عمر يقول لأبي موسى الأشعري: يا أبا موسى، ذكرنا ربنا فيقرأ أبو موسى وهم يستمعون لقراءته.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: )زينوا القرآن بأصواتكم(. وقال: )لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن، من صاحب القينة إلى قينته(.
وقال: )ليس منا من لم يتغن بالقرآن(، وتفسيره عند الأكثرين كالشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما هو تحسين الصوت. وقد فسره ابن عيينة ووكيع وأبو عبيد على الاستغناء به.
فإذا حسن الرجل صوته بالقرآن كما كان السلف يفعلونه مثل أبي موسى الأشعري وغيره فهذا حسن.
وأما ما أحدث بعدهم من تكلف القراءة على ألحان الغناء فهذا ينهى عنه عند جمهور العلماء، لأنه بدعة، ولأن ذلك فيه تشبيه القرآن بالغناء، ولأن ذلك يورث أن يبقى قلب القارئ مصروفا إلى وزن اللفظ بميزان الغناء، لا يتدبره ولا يعقله، وأن يبقى المستمعون يصغون إليه لأجل الصوت الملحن، كما يصغى إلى الغناء، لا لأجل استماع القرآن وفهمه وتدبره والانتفاع به. والله سبحانه أعلم.
صفحة ٥