رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
محقق
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
الناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
١٤١٣هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
العقائد والملل
الإجماع التاسع عشر
وأجمعوا على أنه خالق لجميع الحوادث وحده، لا خالق لشيء منها (سواه) ١ وقد زجر الله ﷿ من ظن ذلك بقوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ ٢ كما زجر من ادعى إلهًا غيره بقوله تعالى: ﴿مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ﴾ ٣، وإنما سمى غيره خالقًا في قوله: ﴿اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ ٤ وإن كان خالقًا وحده على طريق الاتساع، كما يقال: عدل العمرين على طريق الاتساع، وإن كان عمر واحدًا.
_________
١ ما بين المعقوفتين من (ت) .
٢ سورة فاطر آية: (٣) .
٣ وردت مرتين في سورة القصص آية: (٧١، ٧٢) .
٤ سورة المؤمنين آية: (١٤) .
أجمع أهل السنة على أن الله خالق لجميع الحوادث، ومنها أفعال العباد خيرها وشرها، وقد سبق توضيح ذلك. (انظر الإجماع الخامس عشر والسادس عشر) .
أما ما ذهب إليه في الآية ﴿اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ من أنها من باب الاتساع، ولا يطلق لفظ الخلق إلا على الله، فليس كذلك. وذلك أن الخلق في الآية بمعنى الصنع كما ذكر ذلك أهل اللغة والتفسير وقد ذكر ابن جرير عن مجاهد أنه قال في الآية: "يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين". ورجح ابن جرير ذلك، وقال: إن العرب تسمى كل صانع خالقًا، ومنه قول زهير بن أبي سلمى: ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري. (انظر تفسير الطبري ١٨/١١) .
وقال القرطبي: "أحسن الخالقين"، أي: أتقن الصانعين يقال لمن صنع شيئًا خلقه، ثم ذكر قول زهير السابق وقال: ولا تنفى اللفظة عن البشر في معنى الصنع، وإنما هي منفية بمعنى الاختراع والإيجاد من العدم". (انظر الجامع لأحكام القرآن ١٢/١١٠) .
وقال أبو حيان: "ومعنى الخالقين: المقدرين، وهو وصف يطلق على غير الله تعالى كما قال زهير". (انظر البحر المحيط ٦/٣٩٨) .
وقال أبو بكر الأنباري: الخلق في كلام العرب على وجهين:
أحدهما: الإنشاء على مثال أبدعه.
والآخر: التقدير. ثم ذكر أنه هو المراد في الآية (انظر لسان العرب ١١/٣٧٢، ٣٧٣) .
1 / 144