رسالة ابن القيم إلى احد إخوانه
محقق
عبد الله بن محمد المديفر
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
وقد أقسم الله -سبحانه- بنفسه الكريمة أنا لا نؤمن حتى نُحَكِّم الرسول فيما شجر بيننا، وننقاد لحكمه وَنُسَلِّمَ تسليمًا (^١). فلا ينفعنا تحكيم غيره والانقياد له، ولا ينجينا من عذاب الله (^٢)، ولا يقبل منا هذا (^٣) الجواب إذا سمعنا نداءه -سبحانه- يوم القيامة: ﴿مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥)﴾ [القصص: ٦٥]، فإنه لابد أن يسألنا عن ذلك، ويطالبنا بالجواب، قال تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)﴾ [الأعراف: ٦]، وقال النبي ﷺ "أُوحي إليَّ أنكم بي تُفتَنون وعني تُسألون" (^٤)، يعني
_________
(^١) قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ [النساء: ٦٥].
(^٢) في ج (الانقياد لغيره) بدل (تحكيم غيره) إلى (عذاب الله).
(^٣) في ج (هنا) بدل (هذا).
(^٤) روى الإمام أحمد بسنده عن عائشة ﵂ حديثًا طويلًا مرفوعًا، وفيه "فأما فتنة القبر فبي تُفتنون وعنِّي تُسألون" الحديث، (المسند ٧/ ٢٠١، ح ٢٤٥٦٦)، قال المنذري: "رواه أحمد بإسناد صحيح"، (الترغيب والترهيب ٤/ ٣٦٤ - ٣٦٥)، وحسنه الألباني (صحيح الجامع الصغير وزيادته ١/ ٢٨٩ - ٢٩٠، ح ١٣٦١).
وروى البخاري معناه بسنده: ... فحمد اللهَ النبيُّ ﷺ وأثنى عليه ثم قال: "ما من شيء لم أكن أُريته إلا رأيته في مقامي، حتى الجنة والنار، فأُوحى إليَّ أنكم تفتنون في قبوركم مثل -أو قريبًا، لا أدري أي ذلك قالت أسماء- من فتنة المسيح الدجال، يقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن - أو الموقن، لا أدري بأيهما قالت أسماء - فيقول: هو محمد، هو رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا واتبعنا، هو محمد ثلاثًا. فيقال: نم صالحًا، قد علمنا إن كنت موقنًا به. وأما المنافق -أو المرتاب، لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقول: لا أدري، سمعت =
1 / 43