ثم إن بعض من يعز علي التمس مني الجواب فامتنعت من ذلك لأمور منها أني لا أعرف قائلها لأعامله بما يليق به من الآداب فلح علي وأقسم فأجبت بما يليق بمقام هذا الخطيب تحلة القسم وقلت متجنبا للفحش
أما هذا الرجل التميمي فجوابه من وجهين
أما إجمالا فأن أقول سلاما
وأما تفصيلا
فقوله ولا يلزم من كونه فاعلا بالاختيار قدم العالم جوابا عن المدعى دليل على أنه لا يعي ما يسمع ولا يفهم ما يقول فإن المدعى ليس أن الفعل بالاختيار يستلزم القدم فإن هذا لا يخطر ببال أحد لا مسلم ولا كافر
وإنما المدعى أنه يلزم من قدم المفعول نفي الاختيار والكفر لأن القصد إلى إيجاد الموجود الدائم الوجود محال فمن قال بقدم شيء من العالم لزمه نفي الاختيار لا سيما إذا كان مقصود هذا القائل بلزوم الفعل للرب وبقدم فرد من العالم الرد على الأشعري وعلى من يقول كان الله ولا شيء ثم خلق الشيء كالإمام أحمد وسائر المسلمين أئمتهم وعامتهم فإن هؤلاء إنما قالوا ذلك ليخالفوا به من قال بلزوم الفعل والمفعول له بالأزل فقالوا إذا كان فعله ومفعوله لازمين له في الأزل كانا دائمي الوجود أزلا لوجوب دوام اللازم بدوام وجود الملزوم ويلزم أن لا يكون الفاعل فاعلا في ذلك المفعول فإن القصد إلى إيجاد الموجود محال ويلزم تعطيل الرب عن الفعل وهو محال وكفر فيجب أن الرب كان ولا شيء ثم بدأ فخلق الشيء بمشيئته في الوقت الذي أراد خلقه فيه والذي اقتضت الحكمة خلقه فيه
صفحة ٣٢