وعن بعض الصحابة، ولم ينقل مخالف ولا مؤالف حديثا ولا قولا في تحريمه، بل كان حله شائعا (1) في زمن النبي صلى الله عليه وآله والصحابة والتابعين وجميع أهل العلم. وقوله: " فإن سلم أن أرضها مما يجب فيه الخراج إلى قوله - وليس بمعلوم كونه المقدار المقدر " ولا وجه له بعد التسليم بأن الخراج هو الأجرة اللائقة بتلك الأرض.
قال دام ظله: " ثم إن ذلك دين في ذمته فلا يمكن الأخذ إلا برضاه ولا يتعين كون المأخوذ لذلك إلا بأخذهم أو أخذ وكيلهم وهو متعذر حينئذ فيكون ثابتا في ذمته يوصي به إلى أن يصل إلى صاحبه أو الحاكم لو أمكن، ويكون له ذلك، إذ الإمام ناظر ولا يلزم من كون الحاكم نائبا عنه في الجملة كونه نائبا في ذلك أو يوصل هو إلى أهله أي يصرفه في مصالح المسلمين أو يكون ساقطا سيما مع الاحتياج إذ هو من المسلمين فقد يكون هذا من نصيبه، حيث إن المفهوم من كلام الشيخ علي (2) أن الآخذ إنما يأخذه لأنه من بيت مال المسلمين، وللآخذ نصيب فيه وحصة، ولا شك أن ذا اليد أيضا كذلك " (3) انتهى كلامه دام ظله.
أقول: هذا الكلام لا دخل له في تحريم الخراج، بل يدل على تحليله، إنما الكلام في التوصل إلى أخذه إذا لم يسمح به المستعمل للأرض، ولا يخفى أن للإمام عليه السلام الأخذ من ذلك المستعمل ولو بالقهر إذا لم يسمح به ذلك المستعمل، وأما الجائر فقد دلت الأحاديث والفتاوى والإجماع على أن ما يأخذه الجائر جائز لنا تناوله من يده. وهو أعم من الأخذ طوعا أو كرها لأن " ما " من أدوات العموم حتى أن في بعضها " ولو كان يتظلم "، فلا يبعد أن يقال بالأخذ بتعين ذلك المأخوذ للخراج ويكون مغايرا للدين، على أنا نقول: إن الدائن إذ
صفحة ١٦