نصرة الإسلام بغية انتشاره بالقوة بين الأنام؟ وما الذي حمل قريشا على منابذة بني هاشم أيام الصحيفة التي علقت على الكعبة ثلاث سنين، وتعاقدهم فيها على قطع كل معاملة مع بني هاشم، حتى خرجوا إلى الشعب منفردين، إلا أنهم دخلوا في الإسلام وقاموا بنشره وتعميمه بقوة السيف، وهم لم يكونوا يومئذ قبلوه ولا صاروا من أتباعه ما خلا حمزة وعليا رضي الله عنهما؟ وما الداعي الذي دعا بني هاشم إلى احتمال هذه الإهانة ومنابذة قومهم لهم تلك السنين الثلاث؟ أهو الرغبة بنصرة الإسلام أم عصبية لشخص النبي عليه الصلاة والسلام؟ وعلى هذا يتمشى القول أيضا فيما ورد عن النبي
صلى الله عليه وسلم
لما كان ومن تبعه في بدأ البعثة من النفر القليل مضطهدين من قريش - اللهم أيد الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي الحكم بن هشام -
1
وذلك لمكانتهما في قومهما من قريش، ولأنهما قدوة لهم فيما يصنعان، ومن أسلم منهما يمكنه أن يمنع النبي
صلى الله عليه وسلم
من أذى المعارضين، ليجهر بتبليغ دعوته المكلف بتبليغها من لدن رب العالمين، وهذا الذي حصل بعد إسلام عمر رضي الله عنه فإن المسلمين بعد أن كانوا يجتمعون خفية في دار الأرقم ويصلون الأوقات هناك تظاهروا بدينهم وأصبحوا يصلون في المسجد على كره من المشركين؛ إذ لما أسلم عمر رضي الله عنه قال للنبي
صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله علام نخفي ديننا ونحن على الحق وهم على الباطل؟ فقال: يا عمر إنا قليل، وقد رأيت ما لقينا، فقال عمر: والذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا جلست فيه بالإيمان، ثم خرج النبي
صلى الله عليه وسلم
في صفين من المسلمين حمزة في أحدهما وعمر في الآخر حتى دخلوا المسجد.
صفحة غير معروفة