الرقة والبكاء لابن قدامة

ابن قدامة المقدسي ت. 620 هجري
62

الرقة والبكاء لابن قدامة

محقق

محمد خير رمضان يوسف

الناشر

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

مكان النشر

بيروت

قُرَيْشٍ حَتَّى أَنْطَلِقَ إِلَى هَذَا الْجَبَلِ، فَإِنِّي قَدْ طَلَبْتُ مُحَمَّدًا فِي مَظَانِّهِ إِلا هَذَا الْمَكَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَبَلِ الَّذِي يُطِلُّ عَلَى مَكَّةَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ أَنْعِي مُحَمَّدًا فَلْيَجَأْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ جَلِيسَهُ. قَالَ: وَخَرَجَ أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ يُنَادِي: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ! حَتَّى بَلَغَ أَسْفَلَ مَكَّةَ، فَأَتَى الْمَكَانَ الَّذِي أَرَادَ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا لَكَ يَا عَمِّ؟ قَالَ: ظَنَنْتُ وَاللَّهِ أَنَّكَ قَدِ اغْتِلْتَ، فَقَدْ كِدْتَ تَجْرِمُنِي الْيَوْمَ أَنْ أَقْتُلَ قَوْمِي فِيكَ! أَلا تُخْبِرْنِي إِذَا خَرَجْتَ مَكَانًا أَيْنَ مَكَانَكَ فَأَعْرِفُهُ؟، فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: يَا عَمِّ، مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يُسْعِدَهُ اللَّهُ بِمَا بُعِثْتُ بِهِ مِنْكَ، أَفَلا أُرِيكَ آيَةً عَلَى أَنْ تُسْلِمَ؟ قَالَ: وَمَا الآيَةُ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُرِيكَ شَيْئًا لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُرِيكَهُ! قَالَ: فَأَرِنِيهِ! قَالَ: تَرَى تِلْكَ الشَّجَرَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَدْعُو رَبِّي فَيَأْتِيكَ بِهَا حَتَّى تَنْظُرَ إِلَيْهَا عِنْدَكَ. قَالَ: فَافْعَلْ! قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَبَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلِي بِإِذْنِ اللَّهِ، فَأَقْبَلَتِ الشَّجَرَةُ تَهْتَزُّ حَتَّى أَتَتْهُمَا، فَقَالَ: خُذْ مِنْ وَرِقِهَا وَمِنْ بَعْضِ غُصُونِهَا. فَأَخَذَ أَبُو طَالِبٍ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ، فَرَجَعَتْ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَمِّ عِنْدَكَ اتْبَعْنِي، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لِهَذَا يَقُولُ قَوْمُكَ إِنَّكَ سَاحِرٌ، فَانْطَلِقْ حَتَّى أُؤْنِسُهُمْ مِنْكَ،

1 / 104