الرقة والبكاء لابن قدامة
محقق
محمد خير رمضان يوسف
الناشر
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
مكان النشر
بيروت
عَلَى هَذَا، مِنْ شَتْمِ آبَائِنَا، وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا، وَعَيْبِ آلِهَتِنَا حَتَّى تَكُفَّهُ عَنَّا، أَوْ نُنَازِلُهُ وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى يَهْلِكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، أَوْ كَمَا قَالُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَعَظُمَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ فِرَاقُ قَوْمِهِ وَعَدَاوَتُهُمْ، وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا بِإِسْلَامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلا خِذْلانِهِ "
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغَيرَةَ بْنِ الأَخْنَسِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ قُرَيْشًا حِينَ قَالَتْ لأَبِي طَالِبٍ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَاءُونِي، فَقَالُوا لِي: كَذَا وَكَذَا، فَابْقِ عَلَيَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلا تُحَمِّلْنِي مَا لا أُطِيقُ، فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ فِيهِ بَدَاءٌ، وَأَنَّهُ خَاذِلُهُ وَمُسَلِّمُهُ، وَأَنَّهُ ضَعُفَ عَنْ نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَاللَّهِ يَا عَمِّ، لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي شِمَالِي، عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الأَمْرَ مَا تَرَكْتُهُ، حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ، أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَبَكَى، ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا وَلَّى نَادَاهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ: أَقْبِلْ يَا ابْنَ أَخِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: اذْهَبْ يَا ابْنَ أَخِي فَافْعَلْ مَا أَحْبَبْتَ، فَوَاللَّهِ لا أُسْلِمُكَ لِشَيْءٍ أَبَدًا "
قَالَ الأُمَوِيُّ: فَحَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
1 / 101