الرقة والبكاء لابن قدامة

ابن قدامة المقدسي ت. 620 هجري
27

الرقة والبكاء لابن قدامة

محقق

محمد خير رمضان يوسف

الناشر

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

مكان النشر

بيروت

الْمَرْأَةُ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَدْ جَاءَ اللَّيْلُ، وَحَضَرَ فِطْرُ الصَّائِمِ، أَلا نَأْتِيكَ بِطَعَامٍ؟ فَنَادَاهَا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ: وَمَا يَصْنَعُ دَاوُدُ بِالطَّعَامِ بَعْدَ رُكُوبِ الْخَطِيئَةِ؟ . فَلَمْ يَزَلْ عَلَى هَذَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ " ! ١٧٢ وعن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " كَانَ لِدَاوُدَ حَشِيَّةٌ مَحْشُوَّةٌ بِالرَّمَادِ، يُصَلِّي عَلَيْهَا، فَكَانَ يُصَلِّي، فَيَبْكِي فِي سُجُودِهِ حَتَّى يَبُلَّ مَوْضِعَ سُجُودِهِ، ثُمَّ تَغْلِبُهُ الدُّمُوعُ فَتَجْرِي حَتَّى يَبُلَّ مَوْضِعُ الْحَشِيَّةِ مِنْ تَحْتِهِ، وَكَانَ يُنَادِي فِي سُجُودِهِ: قَرَحَ الْجَبِينُ، وَجَفَّتِ الدَّمْعَةُ، وَخَطِيئَتِي لَمْ تُغْفَرْ لِي. فَقِيلَ لَهُ: يَا دَاوُدُ، أَظَمْآنٌ فَتُسْقَى؟ أَجَائِعٌ فَتُطْعَمُ؟ أَعَارٍ فَتُكْسَى؟ قَالَ: فَازْدَادَ بُكَاءً عَلَى بُكَائِهِ، وَأَخَذَ فِي الأَنِينِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ النَّحِيبِ. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَحِمَهُ، فَغُفِرَ لَهُ " ! ١٧٣ قَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ زِيَادٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، جَعَلَ يَفْزَعُ إِلَى الْعُبَّادِ، فَيَبْكِي إِلَيْهِم فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، وَيَبْكُونَ إِلَيْهِ، فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مُنْفَرِدٍ، فَنَادَاهُ: أَنَا دَاوُدُ نَبِيُّ اللَّهِ صَاحِبُ الْخَطِيئَةِ، أَوْ مَا بَلَغَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: فَبَكَى الرَّجُلُ بُكَاءً شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: يَا دَاوُدُ قَدْ بَلَغَتْ خَطِيئَتُكَ إِلَى الْعَظَاءَةِ فِي جُحْرِهَا، فَكَيْفَ لَمْ تَبْلُغْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ فَبَكَى دَاوُدُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَخَرَّ سَاجِدًا، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ " !

1 / 69