صاحبه لما لم يرض أن يبيعه بأقل من عشرة آلاف ، تركه. فغضب الملك لتوقف سفيره عن شراء الحصان بمثل هذا المبلغ الزهيد ، بينما كان الشراء لواحد من أعاظم ملوك الدنيا ، ولا مه على ذل نفسه ، وأقصاه عن حضرته بنفيه مدى الحياة إلى مقاطعة نائية عن البلاط ثم كتب الملك إلى الإنكليز ليشتروا له الحصان ، ففعلوا ذلك وجلبوه إلى سورات بالهند حيث دفع لهم الحاكم ثمنه. غير أن الحصان ما لبث أن مات في رامبور.
ولن أنسى قط أنه حين كنت في البصرة ، حلقت في سمائها ، في خلال مرتين ، سدود من الجراد كانت تبدو من بعيد كأنها السحب ، فأظلمت الأرض به. إن الجراد يمر بالبصرة أربع أو خمس مرات في السنة ، تحمله الرياح من البادية التي فيها مولده وهلاكه. ولو لم تدفعه الريح بهذا الوجه لما ترك نبتا يعيش على الأرض في بعض أقسام كلدية. يطير هذا الجراد فوق بلدان خليج فارس. ولما تأتي المراكب إلى هرمز (1) (Ormuz) في أي وقت من السنة ، يجد ركابها دكاكين صغيرة يبيع فيها الناس الجراد المقلي بالدهن لمن يحب هذا اللون من الطعام. وقد حداني حب الاستطلاع ذات مرة ، أن فتحت بطن جرادة طولها ستة إنشات : فوجدت داخلها سبع عشرة جرادة صغيرة تتحرك. ومن هذا يمكن أن يحزر بسهولة كيف تتكاثر تلك الحشرات ، خاصة في البلدان الحارة.
وهناك عدة سفن وقوارب تمخر من هرمز ، لتجهيز جانبي خليج فارس بالحاجات الضرورية ، حيث الناس هناك لا يأكلون الخبز ولا الرز. وقد اتفقت مع صاحب أحد هذه القوارب ، وكان الاتفاق على أن لا يزيد ما يحمله القارب على نصف وسقة ، لأنهم على العموم يحملونها بما هو فوق طاقتها. وفي الأحوال الجوية الرديئة يضطرون إلى أن يرموا بنصف الحمل إنقاذا للبقية.
صفحة ٢٦